الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النصيحة لعموم المسلمين

السؤال

سؤالي هو عن الناس الذين يأكلون حق غيرهم؛ استغلالًا لجهلهم بأمر ما شرعًا أو قانونًا (إن لم يذكر شرعًا بشكل واضح)
-هل للضعيف حق؟ كأن يؤخذ حقه، ويوافق على ذلك جهلًا منه!
- هل للضعيف حق على الناس أن ينبهوه؟ وهل يأثمون إن لم ينبهوه؟ هذا بشكل عام.
أما بشكل خاص:
-ماذا عن ولي أمر أراد أن يعرض خطبة ابنته على شاب، فأرسل شخصًا لهذا الغرض؛ فتعمد هذا الشخص إخفاء تفاصيل الأمر عن الشاب، أو اسمها، أو تعمد التحايل عليه بطريقة، أو بأخرى؛ طمعًا بالفتاة له، أو لشخص آخر يعرفه، ألا يأثم ذلك الشخص؟ ألا يتوجب عليه ذكر الأمر كاملًا بشكل واضح، أم يعتبر هذا ذكاء؟
وشكرًا لكل العاملين على هذا الموقع الكريم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل الجامع في هذه القضية، هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم. رواه مسلم.

قال الكرماني: النصيحة كلمة جامعة، معناها: حيازة الحظ للمنصوح له، وهو إرادة صلاح حاله، وتخليصه من الخلل، وتصفيته من الغش. اهـ. وراجع في معنى النصيحة وحكم بذلها، الفتويين: 131318، 214522.

ومن عظم شأن النصيحة لعموم المسلمين، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايع عليها أصحابه، ففي الصحيحين عن جرير بن عبد الله قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.

وانظر كيف طبق ذلك جرير -رضي الله عنه-: قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: روى الطبراني في ترجمة جرير، أن غلامه اشترى له فرسًا بثلاثمائة، فلما رآه، جاء إلى صاحبه، فقال: إن فرسك خير من ثلاثمائة. فلم يزل يزيده حتى أعطاه ثمانمائة. اهـ.

ولا يخفى أن من النصيحة المطلوبة أن يعلّم الجاهل ما ينفعه في أمر دينه، ودنياه، وأن يعان عليه، ومن جملة ذلك: ما يجهله من حقوقه التي تنفعه؛ حتى لا تضيع عليه، كما فعل جرير مع صاحب الفرس. وهذا أيضًا من حق المسلم على إخوانه المسلمين عمومًا. ومن قدر على ذلك منهم دون إضرار بنفسه، فعليه فعله، وراجع في ذلك - مع ما سبقت الإحالة عليه - الفتوى رقم: 155463.

وأما السؤال الثاني، فجوابه أن هذا الشخص المرسل، مع ما يجب عليه من النصيحة بشكل عام، كما سبقت الإشارة إليها، فهو مع ذلك وكيل لوالد البنت، وهو مؤتمن على ما وكل فيه، وقد قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء: 58]، فلا يجوز له أن يتعمد المخالفة، أو أن يخفي ما أمر ببيانه، أو يتحايل لإفساد الأمر على أخيه المسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني