الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فوضي أمرك إلى الله واسأليه أن يرزقك الزوج الصالح

السؤال

عندما كنت في السنة الدراسية الأولى من الجامعة، جاءني إحساس أن ذلك الشخص سيتزوجني؛ فأنا أشعر بعلاقاتي بالناس.
بعدها تعرفنا على بعض، وأحببنا بعضنا، وعرفت الجامعة بذلك، فكنا نخرج سويا، ولو عرف أهلي لقتلوني. كنا نتبادل المراسلات والصور على الإنترنت. أعلم أن هذا حرام، ولكن كنت أحبه جدا. وارتفع تحصيلي الدراسي، وهو من عائلة محترمة، وهو شخص فيه كل مواصفات الزوج الصالح. ثم جاء رمضان، فكنت أدعو الله أن يرزقه ليتقدم لي، ويغنينا بحلاله عن حرامه، وألا يحرمني منه.
بعد رمضان افترقنا بسبب إهماله، تكلمت مع بعض الأشخاص للتوفيق بيننا مرة أخرى، لكنهم زادوا الطين بلة، وأصبح لا يريدني.
صليت كثيرا صلاة الحاجة ليعود، وتعهدت لله أني لن أتلفظ بأي حرام لو عاد، لكنه لم يعد، مع العلم أني كنت أشعر من قبل أنا سنترك بعضنا لمدة سنتين ثم يعود، لكن قلبي انفطر وتعبت، ودمرت صحتي، وأشعر أنه سيعود، لكن عندما أرى منشوراته على الإنترنت، فهو يقول فيها إنه لا يريد أحدا، ولا يهتم بي؛ فتوقفت عن الدعاء بأن يعود، وأصبحت أدعو: يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين. وجعلت الناس يدعون لي على جبل عرفة، أن يصلح حالي.
وبعدها شعرت بسلام داخلي، ثم حلمت به جاءني في المطر، والأرض كلها أزهار، وأعطاني هدية. حاولت أن أتحدث معه، لكن أخشى إهانة نفسي. أردت أن أحظره، لكن استخرت الله، والاستخارة منعتني. أردت أن أنساه، واخترت أدعية لأرددها لتساعدني على نسيانه، لكن شعرت أن الله لم يوفقني لذلك. أشعر أن الله يقول لي: لا تتعبي نفسك وتنسيه، فلن تنسيه. أخاف أن أكون أفتري على الله بذلك الشعور. لكن مررت بتجربة سابقة، وعندما أريد نسيان أحد أدعو الله، ويبتعد خلال أسبوع. أخاف أن أدعو الله أن يعيده، فأتعلق به أكثر، ولا أعلم هل يستجيب لي أم لا؟ وأخاف ألا يكون من نصيبي، فأنا لا أحتمل ذلك. بالأمس صليت، ودعوت الله أن يعطيني إشارة قدر تطمئني، لا أعلم هل ذلك صحيح أم لا؟ وتذكرت أني كنت أدعو في رمضان أن يغنينا بحلاله عن حرامه، واستجاب لي، مع العلم أني راضية تماما بقضاء الله، وأعلم أنه لن يخيبني، وتلك الأحاسيس ليست نابعة من رغبتي، ولكن حقا هذا ما أشعر به.
فماذا أفعل لشخص أريده: هل أدعو الله أن يرزقني به حرفيا، أم أدعو أن يعطيني إشارة قدر تطمئني، مع العلم أني التزمت بالاستغفار، وقيام الليل، وصلاة الضحى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلو أنك اتقيت الله عز وجل من أول وهلة، ووقفت عند حدوده، واجتنبت الوقوع في هذه العلاقة المحرمة مع هذا الشاب، لكنت في عافية.

وإن كان الله قد أوقع حبه في قلبك، فكان الواجب عليك إعفاف نفسك، واجتناب أن يقودك هذا الحب إلى ما لا يرضي الله تعالى من نحو ما ذكرت من تبادل الصور، والمراسلات عبر الإنترنت، ونحو ذلك، وانظري في حكم الحب قبل الزواج، الفتوى رقم: 4220، وراجعي أيضا الفتوى رقم: 30003.

وإن أمكن أن يتقدم للزواج منك، فربما كان ذلك خيرا لك، فقد ثبت في سنن ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح.

أما وإنه قد أعرض عنك، فلا تتبعيه نفسك، ولا تهلكي نفسك حسرة بالتفكير فيه، فما يدريك فلعل الله صرف عنك شرا، وتذكري قول الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.

وما ذكرت من الشعور الذي تحسين به تجاهه، أو رؤيتك هذا الشاب في المنام، فلا يلزم أن يكون مؤشرا لخيرية زواجه منك. والأفضل لك الدعاء على وجه العموم، وأن تفوضي أمرك إلى الله بأن تسأليه سبحانه أن يرزقك زوجا صالحا؛ لأن هذا حقيقة المطلوب وعين المبتغى، ولا يهمك بعد ذلك أن يكون هذا الشاب أو غيره.

وينبغي أن تجتهدي، وتجاهدي نفسك في سبيل نسيانه، وإن صدقت مع الله عز وجل، يسره لك، والعشق قد سبق لنا بيان كيفية علاجه في الفتوى رقم: 9360.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني