الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اليأس من التوبة من تسويل الشيطان

السؤال

شكرًا جزيلًا لكم، جزاكم الله عنا كل خير، لطالما اعتبرتكم بيتي الأول، الذي أشكو إليه -بعد الله- مصائب الدنيا عليّ؛ لتكونوا سببًا في حلها بإذنه تعالى، -جعل الله كل هذا الخير الذي تفعلونه في ميزان حسناتكم، وأورثكم الفردوس الأعلى- آمين.
لي أسئلة كثيرة أموت حيرة وقهرًا كل يوم، بسببها:
فأما الأول: فأنا أعاني من الشذوذ الجنسي؛ بسبب ممارسات شاذة في الصغر مع صديقي المقرب، لكني تبت أنا وهو، ولم نفكر بعد في فعل شيء مماثل في حياتنا، لكني بقيت مريضًا بهذا المرض، وأحيانًا أقول: لن أستسلم له، ولكني لن أتزوج وأظلم فتاة بريئة سوية معي، وإذا أحسست أنه قضى عليّ، فسأنتحر هروبًا من فعل المعصية؛ لأني لا أستطيع أبدًا فعلها من صميم قلبي، والله يشهد، فما الحل؟ وهل سأحاسب على هذا؟
أما الثاني: فأنا نذرت لله إذا شفاني من الشذوذ، فسوف أمتنع عن العادة السرية مدى الحياة، لكني وبعد توقفي عنها لمدة سنتين، لم يحصل لي الشفاء، وعدت إليها مرة، وندمت ندمًا شديدًا، وقلت حينئذ: إن غفر الله لي هذا الذنب، فلن أفعلها لعام آخر؛ ابتغاء أن يغفر الله ذنبي في الغيب عنده، وكي أردع نفسي عن فعلها أيضًا، لكني عدت إليها وفعلتها، ونقضت النذر مع الله، وعهده، فما الذي يجب عليّ فعله؛ كي أكفّر عن هذا الأمر؟ وهل أنا منافق؟
أرجوكم أرشدوني، ولا تبخلوا عليّ؛ فهذه عقد حياتي، والله يشهد كم أصبح عيشي في ضنك، وأقسم أنني أعتبركم بيتي الأول قبل عائلتي؛ لأنني دائمًا أستفيد من نصائحكم، وتحلون بعد الله همومي. وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على ثقتك بنا، وإعجابك بموقعنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا دائمًا عند حسن ظنك، وأن يوفقنا وإياك إلى كل خير، ويتقبل منا ومنك كل عمل صالح.

وقد أحسنت أنت وصديقك بالإقبال على التوبة من هذا الفعل القبيح، والجرم الشنيع، ونرجو أن يكون ذلك عبرة للآخرين، وتنبيهًا لهم على خطر المعاصي عمومًا، وخطر اللواط على وجه الخصوص، ونرجو مراجعة الفتوى رقم: 1869، ورقم: 127638. وفي الفتوى الأخيرة بيان بعض التوجيهات المعينة على علاج هذا المرض، نرجو أن ينتفع بها من ابتلي به.

ونوصيك بالمبادرة بالزواج، فهو من أنجع سبل العلاج، ولا ندري وجه الظلم لو أنك تزوجت من فتاة، فليس في مجرد زواجك منها ظلم لها، فلا تلتفت إلى أي وساوس يمكن أن تعوق بينك وبين تحقيق مصالحك.

ولو أنك بعد التوبة وقعت في الذنب مرة أخرى، فأقبل على التوبة، ولا تيأس أبدًا، فهذا اليأس من تسويل الشيطان، كما سلف وأن بينا في الفتوى رقم: 57184.

ولا يجوز لك الإقدام على الانتحار بأي حال، فالانتحار داء، وليس بدواء، وراجع بخصوصه الفتوى رقم: 10397.

ولم يتبين لنا ماذا تشير إليه في قولك: (هل سأحاسب على هذا؟)، فإن كنت تعني الانتحار، وأن الهروب به من فعل ذلك الذنب، مسوغ لك في الإقدام عليه؛ فإنك مخطئ في ذلك، ولا عذر لك -نسأل الله تعالى أن يحفظك-. وهذا كله فيما يتعلق بالسؤال الأول.

وأما السؤال الثاني فنقول في جوابه: إن العادة السرية محرمة، وتترتب عليها كثير من الأضرار، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7170.

ويتأكد امتناعك منها بهذا النذر، وهو نذر معلق، يقع الحنث فيه بارتكابك معصية الاستمناء بعد الشفاء من الشذوذ.

وأما إن فعلت تلك المعصية قبل الشفاء، فلا حنث.

والواجب عليك التوبة من ذلك كله، نعني الشذوذ، وفعل الاستمناء.

وفي الختام: نحيلك على الفتاوى التالية: 12928، 1208، 10800، ففيها بعض التوجيهات، التي نرجو أن ينفعك الله بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني