الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين الصفة الذاتية والصفة الفعلية

السؤال

جاء في إحدى الفتاوى أن بعض صفات الله ذاتية فعلية، كالكلام؛ فأريد أن أسأل: هل كل صفات الله الفعلية تكون ذاتية وأزلية كالغضب، والحب والرضا، وأن كل صفات الله الفعلية ذاتية أو لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فصفات الله الذاتية هي التي لا تعلق لها بمشيئته، وصفاته الفعلية هي التي تتعلق بمشيئته سبحانه، كصفة النزول، والإتيان يوم القيامة، والاستواء على العرش ونحو ذلك، وتلك الصفات ليست قديمة؛ لأن الله تعالى فعلها بعد أن لم يكن فاعلا لها، سبحانه وتعالى، وهذا من حيث آحاد الأفعال، وأما من حيث جنس الفعل، فإن الله تعالى لم يزل فعالا لما يريد، وبعض الصفات يقال فيه إنه ذاتي من حيث النوع، فعلي من حيث الآحاد، كصفة الخلق؛ فإنها قديمة النوع، حادثة الآحاد، وراجع لمزيد الفائدة، الفتوى رقم: 210316.

قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- في شرح السفارينية: القسم الثاني: صفات فعلية: وهذه باعتبار الجنس -أي جنس الفعل- صفة ذاتية؛ لأن الله لم يزل، ولا يزال فعالاً سبحانه وتعالى، أفعاله لا تنقضي، وكذلك أقواله، قال تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً) (الكهف: 109)، لكن آحاد الفعل أو نوع الفعل؛ ينفك الله عنه؛ يعني: ليس لازماً لذاته. مثال ذلك: النزول إلى السماء الدنيا، فهذا نوع وآحاد، نوع: لأنه لم يثبت له نظير قبل خلق السماء، وآحاد: لأنه يتجدد كل ليلة، فالأفعال نوعها قد يكون حادثاً، وآحادها قد تكون حادثة، لكن جنسها أزلي أبدي، يعني أن الله لم يزل ولا يزال فعالاً، فالنزول فعل نوعه حادث، وأفراده كل ليلة آحاد. كذلك الاستواء على العرش أيضاً باعتبار أصل الفعل صفة ذاتية، وباعتبار النوع فهو حادث،؛ وذلك لأنه لم يكن إلا بعد خلق العرش، فيكون الاستواء صفة فعلية، أما أن يكون صفة آحادية فلا نستطيع أن نقول بذلك؛ لأن الاستواء على العرش ثابت، ولا يمكن أن نقول: إن الله قد لا يستوي على العرش، لأننا ليس عندنا علم بهذا الشيء، بخلاف النزول إلى السماء الدنيا، فإنه لما كان مقيداً بزمن قلنا: إنه يحدث كل ليلة بالنسبة للسماء الدنيا. إذاً قول المؤلف رحمه الله (كذاك لا ينفك عن صفاته) يجب أن يحمل على الصفات الذاتية، والصفات الخبرية، وعلى جنس الصفات الفعلية. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني