الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الأفضل التغاضي عن تقصير المدير الخائن أم الإبلاغ عنه ولو أدى لطرده من العمل؟

السؤال

أنا طالب جامعي أعمل في محل للألبسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي العمل حدثت مشاكل كثيرة، حيث إن المدير رغم لطافته إلا إنه لا يعمل بإخلاص، ولا يحترم الزبائن.
في يوم من الأيام جاءني وأعطاني ورقة إنذار، وقال لي: إن هناك نقصًا في المال، ولم يحترمني، وعاملني كأنني سارق، وبعد مرور أيام حدثت تحقيقات في الموضوع، وتبين أن هناك ثقبًا في الكاش ريجستر، تتساقط فيه النقود، ولكن المدير لم يرض أن يزيل الإنذار؛ حتى لا يحاسب من قبل الإدارة، فإعطاء إنذار خاطئ جريمة في الولايات المتحدة، خصوصًا أن الإنذار يمنعني من زيادة الراتب، وكثير من المستحقات الأخرى.
غضبت جدًّا من المدير الذي أعطاني إنذارًا على شيء لم أفعله، ولم يحترمني، ورفض أن يزيله؛ فذهبت وتواصلت مع الإدارة العليا للشركة، وأخبرتهم بكل الأفعال المخالفة لقوانين الشركة التي كان يفعلها، وقد كنت أسترها عليه؛ لأنه يرعى عائلة، ولم أود أن أقطع رزقه، ولكني كنت مغضبًا منه جدًّا، وحيث إنها كانت تؤثر على سمعتي أيضًا بين العمال؛ لهذا أخبرتهم بكل شيء كان يفعله مخالفًا للشركة، وأخبرتهم بما فعل معي، وبعد مرور أيام تم طرده من العمل، ولم أره مجددًا، فهل ما فعلته حرام؟ فقد قطعت رزق الرجل، رغم أنه غير مسلم، وليس عربيًّا بالأساس، ولكنني أحسست بالذنب أنني قد قطعت رزق إنسان عندما طرد من العمل، فهل ما فعلته كان فتنة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد كان الأولى أن تنصحه أولًا بتغيير سلوكه، ومعالجة أخطائه، فإن أصر عليها، فلا بأس حينئذ أن تبلغ عنه، ولا سيما إذا كان ذلك يقتضي تظلمًا منك برفع الضرر الذي لحقك بسبب خطأ منه، فمن حقك ذلك، ولا يلزمك السكوت عنه.

ثم إن الموظف الخائن لا يتغاضى عن تقصيره وخيانته، بل لا بد من نصحه ما أمكن، وإلا فيرفع أمره الى من له سلطة عليه؛ ليحجزه عن الفساد، والتقصير، والظلم، ولا سيما إذا كان في تقصيره تضييع للعمل، وأكل لمال الغير بالباطل، وهذا من باب النصح، وتغيير المنكر، وإزالة الظلم، قال النووي -رحمه الله- في شرحه لصحيح مسلم: وَأَمَّا السَّتْر الْمَنْدُوب إِلَيْهِ هُنَا: فَالْمُرَاد بِهِ السَّتْر عَلَى ذَوِي الْهَيْئَات، وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ مَعْرُوفًا بِالْأَذَى وَالْفَسَاد.

فَأَمَّا الْمَعْرُوف بِذَلِكَ، فَيُسْتَحَبّ أَلَّا يُسْتَر عَلَيْهِ, بَلْ تُرْفَع قَضِيَّته إِلَى وَلِيّ الْأَمْر، إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ ذَلِكَ مَفْسَدَة؛ لِأَنَّ السَّتْر عَلَى هَذَا يُطْمِعهُ فِي الْإِيذَاء، وَالْفَسَاد, وَانْتَهَاك الْحُرُمَات، وَجَسَارَة غَيْره عَلَى مِثْل فِعْله. اهـ.

وللفائدة انظر الفتوى رقم: 191087.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني