الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز رد التعيير بمثله؟

السؤال

منذ زمن حصلت مشادة كلامية بيني وبين إحدى القريبات؛ فعيّرتني بمرض قد أصابني في ذلك الوقت، ولم أشفَ منه إلى الآن، فرددت عليها بالمثل، فعيّرتها بمشكلة قد أصابت ابنتها، وبعد مرور سنوات تذكرت تلك الحادثة، ونحن لا نزال على خصام، وهما لا تريدان -لا هي، ولا ابنتها- مسامحتي على ما قلت، فهل أنا المخطئة، أم إن ما قلته كان من باب رد الإساءة بمثلها؟ فقد آلمني كثيرًا ما عيّرتني به في ذلك الوقت، ولقد ندمت، واستغفرت مما فعلت، لكني خائفة أن يصيبني ما أصاب ابنتها، فهل عليّ إثم؟ وكيف أكفّر عنه إن وجد؟ نسأل الله العافية لنا ولكم، وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فتعيير المسلم بمرض أصابه، أو بلاء نزل به، من الأذية المحرمة؛ قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}، وللأهمية تنظر الفتوى رقم: 219949.

وإذا ارتكبت تلك المرأة ما لا يجوز بتعييرك بمرضك، لم يجز لك فعل ما لا يجوز بتعيير ابنتها بما نزل بها.

وإذا كان الأمر كذلك، فعليك أن تتوبي إلى الله تعالى، وتستغفريه.

ويجب على تلك المرأة أن تتوب كذلك من تعييرك بما عيرتك به.

وقد كان يجوز لك أن تنتصري لنفسك، وأن تقولي لها: إنك آثمة، وعاصية لله بفعلك ما لا يجوز من التعيير.

وعليك أن تعتذري من ابنتها التي عيرتها، فإن سامحتك؛ فالحمد لله، وإلا فقد فعلت ما عليك، وتكفيك توبتك مع اعتذارك -إن شاء الله-، ولن يصيبك مكروه -بإذن الله-؛ لأن التائب لا يعاقب لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لا شرعًا، ولا قدرًا، كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله-.

وبيّني لها أنه يلزمها قبول اعتذارك إذا اعتذرت إليها؛ لأن هذا هو ما تقدرين عليه، والله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وانظري الفتويين التاليتين: 55821 - 48026.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني