الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الدراسة والمنحة لمن نالها بالواسطة

السؤال

وجدت تخصصاً في معهد التكوين، وللتمكن من التسجيل فيه؛ يجب خوض امتحان لم أستطع النجاح فيه. فأدخلني أبي عن طريق وساطة؛ لأنه يعرف مدير المركز، فوالدي يمنح المركز مبلغا من المال للطلاب كل ثلاثة أشهر.
السؤال: ما حكم ما قام به أبي؟ وكيفية التوبة منه؟ وما حكم الانتفاع بمال المنحة؟ علماً أنني أستطيع رفضه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر أن النجاح في الامتحان المذكور شرط في الالتحاق بهذا المعهد، وما دمت لم تنجح فيه، فلا يحق لك الالتحاق به. ولاسيما إذا ترتب على ذلك حرمان من يستحق الدخول، وتوفرت فيه شروط القبول.

والوساطة - بصفة عامة - لا تجوز إذا ترتب عليها حرمان الأولى وصاحب الحق من حقه، ويتأكد هذا في المنح الدراسية والمعاهد العلمية التي هي من جملة المرافق العامة.

وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: ما حكم الواسطة، وهل هي حرام؟ مثلا إذا أردت أن أوظف، أو أدخل في مدرسة، أو نحو ذلك، واستخدمت الواسطة فما حكمها؟

فأجابت:

أولا: إذا ترتب على توسط من شفع لك في الوظيفة حرمان من هو أولى وأحق بالتعيين فيها من جهة الكفاية العلمية التي تتعلق بها، والقدرة على تحمل أعبائها والنهوض بأعمالها مع الدقة في ذلك- فالشفاعة محرمة؛ لأنها ظلم لمن هو أحق بها، وظلم لأولي الأمر بسبب حرمانهم من عمل الأكفاء وخدمتهم لهم، ومعونتهم إياهم على النهوض بمرفق من مرافق الحياة، واعتداء على الأمة بحرمانها ممن ينجز أعمالها، ويقوم بشئونها في هذا الجانب على خير حال، ثم هي مع ذلك تولد الضغائن وظنون السوء، ومفسدة للمجتمع. أما إذا لم يترتب على الواسطة ضياع حق لأحد أو نقصانه فهي جائزة، بل مرغب فيها شرعا، ويؤجر عليها الشفيع إن شاء الله، ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء.

ثانيا: المدارس والمعاهد والجامعات مرافق عامة للأمة، يتعلمون فيها ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، ولا فضل لأحد من الأمة فيها على أحد منها إلا بمبررات أخرى غير الشفاعة، فإذا علم الشافع أنه يترتب على الشفاعة حرمان من هو أولى من جهة الأهلية أو السن أو الأسبقية في التقديم أو نحو ذلك كانت الواسطة ممنوعة؛ لما يترتب عليها من الظلم لمن حرم أو اضطر إلى مدرسة أبعد فناله تعب ليستريح غيره، ولما ينشأ عن ذلك من الضغائن وفساد المجتمع. اهـ.

وراجع في ذلك الفتاوى: 199981، 358867، 362224، 66659.

وعلى ذلك، فإن كان تركك لمقعدك في هذ المعهد يترتب عليه شغله بمن يستحقه، ورجوعه لمن توفرت فيه شروط القبول، فاتركه له. وأما إذا لم يترتب عليه ذلك، ولم يكن في تركه مصلحة لأحد من المستحقين، فنرى أن تكمل الدراسة، وتستغفر الله تعالى أنت وأبوك، وتتوبا إليه، ولا تعودا لمثل هذا النوع من الوساطات.

وأما بالنسبة لمبلغ المنحة، فما دمت تستطيع رفضه، فافعل ذلك؛ إبراءً للذمة وإتمامًا للتوبة.

وهذا كله إذا لم تكن الدولة أو الوزارة المختصة تعطي لمدير هذا المعهد وأمثاله صلاحية قانونية في منح بعض مقاعد الدراسة لمن شاءوا، أو لمن يرونه مناسبا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني