الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم عمل برنامج لتقييم سلوك سائقي سيارات الأجرة

السؤال

أريد أن أصنع برنامجا، ثم أبيعه لشركات الأجرة في إنجلترا. والبرنامج توضع فيه معلومات عن السائقين الذين يعملون في تلك الشركات. فمثلا المعلومات الإيجابية قد تكون مثلا إذا كان السائق مهذباً، وإذا كانت سيارته نظيفة، وإذا كان يعلم طرقا لتجنب الازدحام، وإذا كان يلبس بدلة (وهذه البدلة قد تظهر شكل العورة) وإذا كان يساعد الركاب في حمل حقائِبهم. والمعلومات السلبية مثل: إذا كانت سيارته غير نظيفة، أو يلبس ملابس غير لائقة للعمل مثل الشباب، أو لم يصل إلى بيت الراكب.
ويتم الحصول على هذه المعلومات من قبل الملاحظات التي يتركها الركاب على الموقع على الإنترنت. وبسؤالهم عن الرحلة، فبعضهم قد يكذب. وهناك طرق أخرى مثلا قد يختبئ أحد عمال الشركة في المطار، ويراقب السائق كيف يتعامل مع الركاب، ويجمع المعلومات عنه، ثم يضعها في البرنامج، وتكون هناك لائحة عامة من أفضل سائق، إلى أسوأ سائق.
ولو نظرتم في شركات الأجرة في إنجلترا هناك كثير من المحرمات التي تحصل مثل الخلوات بين السائق والراكب، وفي بعض الأحيان يكون السائق امرأة، وقد يكون الراكب رجلا وليس معها محرم، ويوصلون الركاب إلى متاجر الخمور أحياناً، ويحدث اختلاط بين الرجال والنساء عند العمال الذين يستقبلون اتصالات الركاب. والبرنامج قد يستعمل في تطبيق قوانين الشركة التي هي مضادة للإسلام، مثل لَبْس البدلة التي قد تظهر شكل العورة.
فهل يجوز لي أن أصنع هذا البرنامج، ثم أستخدمه في امتحان a level للحاسوب: أرسل نسخة إلى الأستاذ لكي يفحصه -هذا لا يعتبر غشاً حسب ما أعلم في هذا الامتحان- ثم أرسل نسخة إلى لجنة الامتحانات، ثم أبيع نسخا إلى شركات الأجرة؟
وهل هذا البرنامج يعتبر غيبة أم لا؟ فأنا لا أعلم أحكام الغيبة بالتفصيل.
وإن وجدتم فيما أخبرتكم به عن البرنامج واستعماله، نقطة معينة تكون حراما، والباقي حلال. فمن فضلكم أطلعوني عَلَيْها.
فأنا أريد أن أمضي في حياتي، ولكن هناك أشياء أشك في حكمها؛ فأريد جوابا من عالم: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يظهر حرج في عمل هذا البرنامج وبيعه لشركات الأجرة؛ لتستفيد هي أو غيرها منه، في تقييم سلوك السائقين، وتدوين الملاحظات عليهم.

وكون بعض المعلومات التي ستسجل في البرنامج، قد لا تكون صحيحة، أو تتضمن غيبة؛ فهذا إثمه على من يسجل تلك المعلومات، مع أن الغيبة إن كانت لمصلحة معتبرة كنصح وتغيير فساد ونحوه، فهي مباحة.

قال الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله: الغيبة مفسدة محرمة، لكنها جائزة إذا تضمنت مصلحة واجبة التحصيل، أو جائزة التحصيل. اهـ.

وكون شركات الأجرة قد تحصل فيها بعض المحاذير من خلوة، أو نقل راكب إلى محرم، فهذا لا يؤثر في حكم صنع ذلك البرنامج أو بيعه. فالبرنامج لتسجيل الملاحظات الإيجابية والسلبية على سائقي سيارات الأجرة، وهذا يؤدي إلى المنافسة في تقديم الخدمات، والبعد عن السلبيات ما أمكن، وهذا غرض محمود وليس فيه إعانة مباشرة ولا مقصودة على محرم فيما يظهر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني