الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يسوغ طلب الطلاق لانشغال الزوج بالعمل؟

السؤال

أنا متزوجة، زوجي مثالي في كل شيء، إلا أنه يوجد حاجز نفسي؛ لكثرة انشغاله بالعمل، مع العلم أني كررت كثيرا عليه، وحاولت، وحاولت لا فائدة. وأنا بشر لا أستطيع معه التواصل الكامل، لا أستطيع مواصلة الحياة معه، وأريد الطلاق. ما الحل؟
السؤال الثاني: لي صديقة متزوجة، عندها نفس المشكلة، لكنها تحب غير زوجها، وتريد الطلاق، مع العلم أنها كانت تريد الطلاق قبل معرفتها بالشخص الذي تعلقت به. هي تعلم أن ذلك حرام وغلط. لكن سؤالها: لو طلقت. هل يحق لها الزواج منه، مع العلم أن حبيبها ينصحها دائما بالتمسك بأسرتها، والانفصال عنه. ما الحل؟
أرجو الإفادة، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالزوج مطلوب منه أن يعاشر زوجته بالمعروف، كما أمره ربه تبارك وتعالى في قوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}. والمعاشرة بالمعروف كلمة جامعة تحمل معاني إيصال الخير إليها، وإدخال السرور عليها، ومعاملتها معاملة حسنة، وهكذا كان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نسائه، وسبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 134877.

فإن كانت معاملة زوجك لك على ما ذكرت، فهو مسيء بذلك. ولكن هذا التصرف بمجرده لا يسوغ لك طلب الطلاق إلا إذا تضررت منه تضررا ليس بالهين، وراجعي مسوغات طلب الطلاق في الفتوى رقم: 37112.

وإذا كرهت البقاء في عصمته، وخشيت أن يؤدي بك ذلك إلى التفريط في حقه، فيمكنك مخالعته؛ كما فعلت امرأة ثابت بن قيس -رضي الله عنه وعنها- وانظري في ذلك الفتوى رقم: 20199.

ولا ننصحك بالتعجل إلى الطلاق أو الخلع، فقد لا تكون المصلحة دائما في الطلاق، بل الغالب ضرره، فينبغي الصبر عليه والدعاء له بصلاح الحال، والاستعانة بالمقربين إليه يناصحوه إن دعت لذلك حاجة. وقد ذكرت أنه مثالي، وهذا يعني أنه رجل طيب فيه كثير من خصال الخير، فامتثلي هنا قول الشاعر:

من ذا الذي ما ساء قط * ومن له الحسنى فقط.

وقول الآخر:

ومن ذا الذي تُرْضَى سجاياه كلها * كفى المرء نبلا أن تُعَد معايبه

ولعلك إذا فارقته لم تجدي زوجا آخر، ولو وجدت فقد يصيبك معه من العنت والبلاء، ما يفوق ما وجدته من الأول.

وبخصوص صديقتك، فالواجب عليها أن تتقي الله وتتوب إليه، وتقطع علاقتها مع هذا الرجل الأجنبي، فإنها علاقة آثمة، ويعظم فيها الإثم بكونها امرأة متزوجة؛ لكونها بذلك مفرطة في حق زوجها، إضافة لعصيانها لربها سبحانه.

وما قلناه لك بخصوص الطلاق أو الخلع، نقوله لها. ولو قدر أن فارقها، فلها الزواج من الرجل الآخر، أو من غيره.

وننبه بهذه المناسبة إلى أمر خطير يجب الحذر منه، وهو مما قد يحصل من بعض الناس من العمل على إفساد المرأة على زوجها -ومنهم من يلجأ إلى بعض الطرق الملتوية يغر بها ذات الزوج ويخدعها- وهو ما سماه الشرع بالتخبيب، وقد أوضحناه في الفتوى رقم: 7895.

نسأل الله تعالى للجميع العافية والسلامة، والتوفيق لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني