الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إسكان الأولاد أمّهم بعيدًا عن أبيهم الظالم

السؤال

أبي رجل تجاوز الخمسين من عمره، وهو رجل ظالم، ودائمًا ما يظلمنا بكلامه –أنا، وإخوتي، وأمي-، وهو دائم الشك فينا، وهذه حاله منذ أن عرفته، فهو دائمًا ينتقد على أدنى غلط يحصل، ولا يحاول أن يربينا.
عندما كنت صغيرًا، كان يحرضني على أمي، ويريد مني أن أتجسس عليها، وفي بعض الأحيان يلمح أني لست ابنه، وأن أمّي زنت، دون أن يملك أي دليل على ذلك، ودائمًا ما يهدد أمي بالطلاق، ويطلب منها أن تتصل بأحد أهلها من أجل أن يأتي ويأخذها من بيتنا؛ لأنه لا يريدها، ولا أعلم ماذا يريد أن يصل له من هذه الطريقة التي تسبب لأبنائه عدم الشعور بالأمان، والاستقرار، وأيضًا يتكرر على لسانه أنه سيقوم بتشتيتنا في البيت، أي يريد أن يفرقنا –أنا، وإخوتي، وأمي-؛ لأننا لا نوافقه على ظلمه لأمّي.
سؤالي: هل يجوز لي أن آخذ أمي، وإخوتي من بيت والدي، وأستأجر لنا منزلًا بعيدًا عنه؛ لكي نعيش حياتنا كباقي الناس في أمن، وأمان، بعيدًا عن كل هذه الضغوط النفسية، والكلام، والقذف الذي نجده من أبي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت؛ فإنّ والدك مسيء، وظالم لكم ولأمّكم، لكن ذلك لا يسقط حقه عليك في البِر، والمصاحبة بالمعروف؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين، اللذين يأمران ولدهما بالشرك، وانظر الفتوى رقم: 114460.

وبرّ الوالد لا يستلزم البقاء معه في البيت، فيجوز للأولاد البالغين الانفراد بالسكن، ولا يعد ذلك عقوقًا، وراجع الفتوى رقم: 165457، لكن إذا كانت أمّكم صابرة راضية بالبقاء مع أبيكم، فليس لكم أن تخرجوها من بيته، أو تأخذوها معكم في منزل آخر دون إذنه.

أمّا إذا فارقته بطلاق، أو خلع، أو كانت متضررة من بقائها في بيت أبيكم، ولم تقدر على مفارقته بالطلاق، أو الخلع، فيجوز لكم إسكانها معكم بعيدًا عن الوالد.

وانفرادكم بالسكن عن أبيكم، لا يبيح لكم قطعه، أو هجره بالكلية، ولا الإساءة إليه بقول، أو فعل، لكن عليكم بره، وزيارته بالقدر الذي لا يحصل به الضرر، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- في فتاوى نور على الدرب: فالمقصود أن الوالدين لهما شأن عظيم، فلا يهجرهما الولد، بل يتلطف بنصيحتهما، وتوجيههما للخير، ويستعين على ذلك بمن يتيسر من أخوال، أو إخوان، أو أعمام... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني