الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاحتفاظ بما يأخذه المسلم من شعره وأظفاره.

السؤال

هل يجوز الاحتفاظ بالمخلفات البشرية مثل قلامة الظفر أو جزء من الشعر على سبيل الذكرى أم أن ذلك يعد حراما؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فيستحب للمسلم أن يدفن ما أخذه من شعره وأظفاره، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أمر بدفن الشعر والأظفار. رواه الطبراني في معجمه الكبير، و ابن أبي شيبة في مصنفه، و البيهقي في شعب الإيمان، وكان عدد من السلف يفعل ذلك، ذكر ذلك ابن أبي شيبة في مصنفه. وقد صرح أهل العلم باستحباب ذلك. قال ابن قدامة في المغني: ويستحب دفن ما قلم من أظفاره أو أزال من شعره، لما روى الخلال بإسناده عن ميل بنت مشرح الأشعرية قالت: رأيت أبي يقلم أظفاره ويدفنها، ويقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك. وعن ابن جريج عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان يعجبه دفن الدم، وقال مهنا: سألت أحمد عن الرجل يأخذ من شعره وأظفاره أيدفنه أو يلقيه؟ قال: يدفنه، قلت: بلغك فيه شيء؟ قال: كان ابن عمر يدفنه، وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بدفن الشعر والأظفار، وقال: لا يتلعب به سحرة بني آدم. وقال النووي في المجموع: يستحب دفن ما أخذ من هذه الشعور والأظفار ومواراته في الأرض، نقل ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما، واتفق عليه أصحابنا. وقد قيد الشافعية والحنفية هذا الاستحباب بغير ظفر عورة وشعرها. قال البجيرمي في حاشيته على الخطيب: قلت: ينبغي تقييده بغير ظفر عورة وشعرها، أما لو كان منها كعانة رجل وظفر وشعر امرأة وخنثى، فينبغي وجوب الستر لحرمة النظر إليه. لكن هل يكتفى بإلقائها لوجود الستر أو لا؟ الظاهر الاكتفاء، لكن مع الكراهة. وقال صاحب روض الطالب: ما حرم نظره متصلا، حرم نظره منفصلا، كشعر عانة ولو لرجل، وقلامة ظفر قدم حرة، إبقاء لحكمه قبل انفصاله، فليواره وجوبا كما اقتضاه كلام القاضي، لئلا ينظر إليه أحد. وقال صاحب "الدر المختار": (وكل عضو لا يجوز النظر إليه قبل الانفصال، لا يجوز بعده) ولو بعد الموت، كشعر عانة، وشعر رأسها، وعظم ذراع حرة ميتة وساقها، وقلامة ظفر رجلها. انتهى. وبهذا النقل يتبين لك أن المشروع بالنسبة لما أخذه المسلم من شعره وأظفاره هو دفنه، أما الاحتفاظ به، فلا يخلو من كراهة، لما في ذلك من العبث الذي يتنزه عنه المسلم، كما أن الاحتفاظ بهذه الأشياء قد يؤدي إلى استخدامها فيما يضر، كما لو وقعت في أيدي السحرة الذين يستخدمون هذه الأشياء في إيذاء الإنسان، ومحل هذه الكراهة ما لم يكن الاحتفاظ بشعر العورة أو ظفرها مظنة لاطلاع من يحرم نظره إليها، فإن كان الاحتفاظ مظنة لذلك، حرم وتعين دفنها أو إلقاؤها والدفن أولى كما تقدم. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني