الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سوء عاقبة التكبر والرياء ومن تاب تاب الله عليه

السؤال

لقد أرسلت إليكم سؤالا، ولم تردوا عليَّ، وسوف أرسل السؤال مرة ثانية، وإن شاء الله ستردون. السؤال كالتالي: لقد كنت عاصيا، وضائعا في ظلامات الضلال، حتى هداني الله في يوم من الأيام. فالتزمت ولله الحمد، ثم بعد الالتزام بمدة ليست بالقليلة، التحقت بحلقات تحفيظ القرآن؛ فحفظت من القرآن والمتون ما شاء الله. فكنت الأول في المسجد بالحفظ، ومع الأيام حسدني الكثير من الشباب؛ فلم أبالي بهم، ثم ظهر مرض في قلبي، وهو حب الظهور والشهرة والكبر، وكنت أرى أن عوام المسلمين جهال، حياتهم مجرد أكل وشرب، ولا يستحقون الحياة. وكنت معجبا بنفسي، لدرجة أنني لا أذهب مع عوام المسلمين، وكنت أحتقرهم، ولا أحسب لهم حسابا. وفي يوم من الأيام لم أستطع أن أحفظ محفوظي اليومي، فأجلته إلى يوم ثان، واليوم الثاني نفس الشيء، ومع الأيام تركت حلقات تحفيظ القرآن؛ فنسيت القرآن، ونسيت المتون، وأصبحت مثل عوام الناس جاهلا. واحتقرت نفسي، لدرجة أنني أصبحت لا أنظف نفسي كثيرا، وكلما أردت أن أفعل شيئا لوجه الله أحتقر نفسي، وأقول في نفسي إنني حقير، ولا قيمة لي، وكرهت نفسي لدرجة أنني أريد الانتحار. ما السبب؟ وكيف أرجع كما كنت؟ وكلما أردت فعل خير تذكرت أنني حقير، ولن ينظر إليَّ أحد، فتركت العمل رغبة في الشهرة، واحتقرت نفسي. ما الحل؟ وكيف أرجع سعيدا كما كنت؟ وهل الدفاع عن الدين واجب العلماء فقط؟ وكيف أجعل جميع أعمالي لله؟ أرجوكم أريد دواء نهائيا لألمي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فربما كان ما وقع في قلبك من العجب واحتقار المسلمين، سببا في نكوصك على عقبيك، ووقوعك فيما وقعت فيه.

والواجب عليك الآن أن تبدأ في حياتك صفحة جديدة، وتعلم أن العبد مهما ابتعد عن الله تعالى، فإن بابه سبحانه مفتوح، ومن أقبل عليه سبحانه تلقاه من بعيد، ومن تقرب إليه شبرا، تقرب إليه سبحانه ذراعا، ومن تقرب إليه ذراعا تقرب إليه باعا، ومن أتاه يمشي، أتاه -سبحانه- هرولة.

فانفض عنك غبار المعصية، والبعد عن الله، وانشط في طاعته -سبحانه-، وعد لما كنت عليه من الخير، مع إحسان الظن بربك، وإساءة الظن بنفسك. والعلم بأن التوفيق إنما هو منه سبحانه وبحمده، وعدم احتقار أحد من المسلمين أو ازدرائه، فتسير بين جناحي مشاهدة المنة، ومطالعة عيب النفس، وتسعى في تكميل نفسك بالفضائل ما أمكن، فتحافظ على الفرائض، وتكثر من النوافل، وتعود لحفظ القرآن، وتعلم العلم، واصحب الصالحين، واستعن بالدعاء، واللجأ والتضرع إلى الله تعالى، وجاهد نفسك؛ فإنك إن جاهدتها صادقا أعانك الله عليها، كما قال سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69}.

وليس الدفاع عن الدين وظيفة العلماء فحسب، بل هو وظيفة المسلمين جميعا كل بحسبه.

وأما طرق تحصيل الإخلاص، ودفع الرياء، فانظر لبيان بعضها الفتوى: 134994.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني