الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطوات عملية تعين على لزوم الاستقامة

السؤال

دائمًا ألتزم فترة، ثم أنتكس، ثم بعد فترة ألتزم، وبعد ذلك أنتكس، وهكذا، فهل من أدعية، أو أعمال تثبت المسلم على دينه؟ أريد خطوات مجربة -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأما الخطوات العملية التي تعينك على لزوم الاستقامة:

فأولها: دوام الفكرة في أسماء الرب وصفاته، واستحضار عظمته، وإحاطته بالخلق، وأنه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات والأرض.

وأن كل أفعالك ببصره، وكل كلماتك بسمعه سبحانه، فتستحيي منه أن يراك على معصيته، أو يسمع منك ما تبوء أنت بإثمه.

ومنها: دوام الفكرة في الموت، وما بعده من الأهوال العظام، والخطوب الجسام، والفكرة في الجنة وما أعد فيها من الثواب، والنار وما أعد لأهلها من العقاب؛ فإن الفكرة في ذلك ترقق القلب جدًّا، وتحمل الشخص على التوبة النصوح التي لا اعوجاج بعدها.

ومنها: مصاحبة أهل الخير ممن تعينك صحبتهم على طاعة الله تعالى، فإن الصاحب الصالح يأخذ بيد صاحبه إلى الاستقامة، فيذكره إذا نسي، وينبهه إذا غفل، ويقيمه على الجادة إذا رأى منه بادرة نكوص.

ومنها: الحفاظ التام على الفرائض، ثم الاستزادة والإكثار من النوافل؛ حتى تصل إلى درجة محبوبية الرب عز وجل، فيكون سبحانه سمعك الذي تسمع به، وبصرك الذي تبصر به، ويدك التي تبطش بها، ورجلك التي تمشي بها.

ومنها: دوام مجاهدة النفس، وحملها على الاستقامة كلما تأبّت، أو حاولت الانخلاع من ربقة التكاليف، فبالمجاهدة الصادقة يبلغ الإنسان غايته من مرضات الله تعالى، كما قال جل اسمه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69}.

ومنها: التوبة كلما أذنبت، فلا تمل من التوبة، مهما تكرر منك الذنب، ولا تيأس من توفيق الله، مهما عثرت أو زللت؛ فإن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء، وهو سبحانه أرحم بعبده من الأم بولدها، فأدم التوبة، وكررها كلما تكررت منك المعصية، محسنًا ظنك بالله، واثقًا بسعة عفوه، وعظيم بره، وجوده، ولطفه سبحانه وبحمده.

ومنها: الانطراح على باب الله تعالى، واللجأ الصادق إليه، والاجتهاد في الابتهال، والضراعة، والدعاء بأن يثبتك، ويلهمك رشدك، ويعينك على استقامة لا زيغ بعدها.

ومن الدعوات النافعة في ذلك: ما حكاه الله عن الراسخين في العلم من قولهم: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ {آل عمران:8}.

وأدعية السنة في هذا المعنى كثيرة، ومن أشهرها قول:

يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك.

يا مصرف القلوب، صرف قلبي على طاعتك.

اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور. ونحو ذلك من الدعوات الثابتات.

وإذا قرأت الفاتحة، وصدقت في قول: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ {الفاتحة:6}، فإن الهداية ستتنزل عليك، فإن هذا الدعاء الشريف الذي افترضه الله على عباده، يتضمن سؤال التوفيق للاستقامة أولًا، والثبات عليها ثانيًا -نسأل الله أن يهدينا وإياك صراطه المستقيم-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني