الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خروج المرأة للسوق بدون إذن زوجها بين الجواز والحرمة

السؤال

حكم الذهاب إلى السوق بدون علم الزوج لاحتياجي لبعض الأغراض، وأحيانا لا أحتاج شيئا فقط للتمشية والاطلاع.
زوجي يكره الأسواق بسبب الشباب المتواجدين فيها، ولا أستطيع أن أشتري شيئا على راحتي، يحسسني بأن كل الأنظار عليَّ. يقول: سَوِّي عباءتك، غطي عينيك، انتبهي. أتوتر بالخروج معه كثيرا، ويغضب كثيرا، ولا آخذ راحتي، وغالبا أطلبه للسوق يقول: ما معي فلوس، مضغوط، وكنت أذهب بدون علمه، وأشتري من فلوسي، ولا أخبره بذلك. وإن أخبرته بذلك سوف يغضب كثيرا، ولن يثق فيَّ لأنه رجل شكاك، يتعبني بعض الشيء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز للمرأة المسلمة الخروج من بيتها بغير إذن زوجها إلا لضرورة أو حاجة شديدة، كما جاءت بذلك السنة الصحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكما بينه أهل العلم، ويمكن مطالعة الفتوى: 137248.
فخروجك لمجرد النزهة فقط لا يجوز، وما أسميته بالأغراض التي تحتاجين إليها كلمة مجملة، فإن كان ذلك مما لا غنى لك عنه من مأكل أو مشرب أو ملبس ونحو ذلك، فلا حرج عليك في الخروج إليه بغير إذنه إن أمنت الفتنة، وأما ما كان من كماليات الحياة، فلا يجوز لك الخروج إليه بغير إذنه، وإلا كنت ناشزًا وعاصية. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 124042.
ولا شك في أن ما ذكره زوجك من حال الأسواق، وأسباب الفساد فيها حقيقة. قال الشيخ ابن عثيمين في لقاء الباب المفتوح: يوجد في الأسواق فسَّاق ليس لهم هم إلا ملاحقة النساء -والعياذ بالله- ومغازلتهن، وإلقاء الأوراق، وأرقام الهواتف عليهن، وما أشبه ذلك، مع أنهن نزيهات؛ فلهذا نقول: خير مكان للمرأة أن تبقى في بيتها، وهي في الواقع مسؤولة عن نفسها، ووليها أيضًا مسؤول عنها، حتى كثير من الرجال -نسأل الله لنا ولهم الهداية- قد أطلقوا العنان للنساء، تخرج المرأة متى شاءت، تتسكع في الأسواق، وفي المتاجر، ولا يبالي ولا يسأل. نسأل الله أن يعيننا وإياكم على أداء الأمانة. اهـ.

فالمظنون بزوجك أنه حريص على ما فيه مصلحتك، وصيانتك، وحفظ دينك، وننصحه في الوقت ذاته بأن يحسن بك الظن، وأن يحذر الغيرة في غير ريبة، فإنها مذمومة، والمحمودة هي الغيرة عند وجود الريبة، كما بينا في الفتوى: 71340.

ثم إن من شأن المؤمن والمؤمنة الابتعاد عن مواطن الشبهات؛ لئلا يظن به ظن السوء، وراجعي الفتوى: 55903.

وننبه في الختام على أمرين:
الأول: أن يسود بين الزوجين التفاهم والاحترام ليتحقق المقصد الأساسي للزواج، وهو السكن النفسي والاستقرار، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.
الثاني: أن نفقة الزوجة واجبة على الزوج، وهي تكون بقدر الكفاية، وانظري الفتوى: 160045. وينبغي للزوج أن يوسع على أهله ما وسع الله عليه، ففي ذلك تطييب لخاطر الأهل، وشكر لله -سبحانه وتعالى- على نعمته. والنفقة على الأهل من أفضل الصدقة، قال -صلى الله عليه وسلم-: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك. رواه مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني