الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تجب طاعة الأب في هجر العمّة المؤذية؟

السؤال

عمتي تسببت بضرر بالغ لأبي؛ لدرجة أنه دخل السجن في قضية مبانٍ وغرامات، مع عدم الاعتراف بالخطأ حتى من ناحيتها، وعدم السؤال عنا، ولا عن أخيها خلال وجوده في السجن، فهل من إثم علينا إن قاطعناها؛ لأنها إنسانة مؤذية؟ وما الحكم إن قال أبي لأخي: لا أسامحك إن كلمتها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كانت عمتكم قد تسببت في إلحاق الضرر بأبيكم في نفسه، أو ماله ظلمًا وعدوانًا، فإنها مسيئة بذلك إساءة بالغة، وقاطعة للرحم، التي أمر الله عز وجل بأن توصل، وحرم قطيعتها، فالواجب نصحها بالتوبة إلى الله عز وجل، وأن تستحل أباك فيما ظلمته فيه، وتراجع شروط التوبة في الفتوى: 29785، وإذا كانت قد أقدمت على مثل هذا التصرف الشنيع مع أبيكم، فلا يستغرب منها أن لا تسأل عنكم، أو عن أخيها بعد ذلك.

ولكن مهما حصل منها من سوء، وظلم، فإنها تبقى عمة لكم، ورحمًا من أرحامكم، التي تجب عليكم صلتها، فلا يجوز لكم قطيعتها، ولكن يمكن هجرها لمعصيتها؛ حتى تتوب منها، وهذا فيما إن رجوتم أن ينفعها الهجر؛ لأن الهجر يرجع فيه للمصلحة.

فإن خشي أن يزيدها عنادًا، فالأولى تركه، كما هو مبين في الفتوى: 21837.

وإن خشيتم من حصول شيء من الضرر بزيارتها مثلًا، فصلوها بما هو ممكن؛ مما يؤمن معه الضرر، كالاتصال، وتفقد الحال، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 348340.

وإن منع أبوك أخاك من تكليمها، فلا تجوز طاعته في ذلك؛ لأنه قد أمره بمعصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، روى البخاري، ومسلم عن علي -رضي الله عنه- أن سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. وفي مسند أحمد بلفظ: لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل.

وعليه أن يبين لأبيه بالحسنى أن هذا مما لا يرضاه الله، فلعله يقتنع، ويسمح له بصلتها، فإن أصر على المنع، فليتحر أخوك الحكمة، وليتلطف بحيث يصل عمته من غير علم أبيه؛ حتى يتقي إغضابه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني