الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يحتاط في قضاء الصوم حتى تبرا ذمته بيقين

السؤال

بخصوص الصيام أنا لست رجلا ولم يكن الإفطار في رمضان بسبب الجماع ولكن أنا بدأت الصيام في سن 35 عاماً ولا أدري تحديداً في أي عام كان يجب أن أبدأ فيه الصيام يعني علي قضاء كم شهر؟ وإذا كانت هناك كفارة تكون فكم قيمتها بالجنيه المصري؟ ولمن تدفع؟ هل ممكن أن تدفع لفقير واحد؟ أم من الممكن أن تدفع إلى دار الأيتام؟ وهل البواب والخادمة في المنزل يعتبران من المساكين؟ وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فيجب عليكِ قضاء الصيام الذي أفطرتِه في رمضان منذ بلوغك خمس عشرة سنة فما بعد قطعاً، أما قبلها فلا يلزمك قضاء شيء، إلا إذا كنت تذكرين حصول إحدى علامات البلوغ الأخرى قبل ذلك، وعلامات البلوغ الأخرى هي الحيض ونزول المني باحتلام أو غيره ونبات الشعر الخشن حول الفرج، وفي حالة تذكرك حصول إحدى هذه العلامات قبل الخامسة عشرة إلا أنك لا تذكرين السنة بالتحديد، فعليك بالاجتهاد والتحري في تحديد ذلك، وينبغي لك الاحتياط وصوم ما ترين أن ذمتك تبرأ به بيقين، ونسأل الله عز وجل أن يعينك على ذلك. وتلزمك أيضاً كفارة لكل يوم لم تقضيه حتى دخل عليك رمضان الذي بعده بشرط العلم بحرمة التأخير، أما إذا كنت تجهلين حرمة التأخير، فيلزمك القضاء دون الكفارة، كما في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ، وفي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي نقلاً عن الأذرعي ما نصه: قال الأذرعي: لو أخره لنسيان أو جهل فلا فدية كما أفهمه كلامهم، ومراده الجهل بحرمة التأخير وإن كان مخالطاً للعلماء لخفاء ذلك. انتهى. وتصرف هذه الكفارة أي كفارة التأخير للمساكين ويجزئ صرفها لمسكين واحد، قال الإمام النووي في المنهاج: وله صرف أمداد إلى شخص واحد. ، قال الخطيب الشربيني مبيناً كلامه: لأن كل يوم عبادة مستقلة، فالأمداد بمنزلة الكفارات بخلاف المد الواحد، فإنه لا يجوز صرفه إلى شخصين لأن كل مد فدية تامة، وقد أوجب الله صرف الفدية إلى الواحد فلا ينقص عنها، ولا يلزم منه امتناع صرف فديتين إلى شخص واحد، كما لا يمتنع أن يأخذ الواحد من زكوات متعددة. وقال المرداوي في الإنصاف: يجوز صرف الإطعام إلى مسكين واحد جملة واحدة بلا نزاع. أي في المذهب. وفصل المالكية في هذا فقال الدردير رحمه الله في الشرح الكبير: فلو أعطى مسكيناً مدين عن يومين مثلاً ولو كل واحد في يومه، لم يجزه إن كان التفريط بعام واحد، فإن كان في عامين جاز. انتهى. وأما الحنفية فلا تلزم عندهم الفدية لتأخير القضاء أصلاً، قال الحصكفي في الدر المختار: ولو جاء رمضان الثاني قدم الأداء على القضاء، ولا فدية لما مر خلافاً للشافعي. انتهى. والحاصل أنه يلزمك القضاء والكفارة إذا كنت عالمة بحرمة تأخير الصيام إلى ما بعد رمضان الآخر، ولك صرف الكفارة إلى مسكين واحد، والأفضل صرفها لعدة مساكين، وعليك التوبة إلى الله عز وجل من إفطارك لهذه الرمضانات لغير عذر. وأما البواب والخادمة في المنزل فقد يكونان فقيرين وقد لا يكونان كذلك، فليس بمجرد عملهما هذا يحكم بفقرهما، بل لا بد من السؤال عن حالهما وحاجتهما، فإذا تبين لك فقرهما فلا حرج في صرفها إليهما، وإلا فلا. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني