الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يحق للزوج أن يأخذ شيئا من مال الزوجة إلا بإذنها.

السؤال

لي ثلاث أخوات متزوجات يعملن، أصغرهن متزوجة منذ أكثر من ثماني سنوات، وزوجها يطالبها بدفع نصف إيجار المنزل وتحمل نصف نفقات المنزل ونفقات الخادمة والسائق كاملة، ولا يبقى لها الشيء الكثير من راتبها، ولم تتمكن من ادخار أي مبلغ حتى الآن، في الآونة الأخيرة حدث خلاف بينهما حول شراء أرض بالشراكة مع إحدى أخواته، ورفضت أختي ذلك، وهنا بدأت تظهر جميع عيوب أختي في عين زوجها، وطلبت مني التدخل لحل هذه المشكلة، ولحل هذا الموضوع طلبت منه عدم التصرف في راتبها، وطلبت من أختي أن تتكفل براتب الخادمة والسائق وجميع مصاريفها الشخصية، وأن تسلمني نصف راتبها شهرياً لأضعه في البنك باسمها وادخاره لها حتى يكتمل مبلغ لا بأس به لشراء قطعة أرض أو دار تفيدها هي وأبنائها مستقبلاً، فرفض زوجها تصرفي هذا واعتبره تدخلاً مني في حياته الزوجية، وطلب مني أن تتوقف أختي عن العمل، وتجلس في المنزل، ويقوم بالصرف عليها في حدود إمكانياته، مع العلم أنني اشترطت عليه قبل عقد النكاح أن تكمل دراستها، وأن تعمل بعد التخرج. فهل لزوجها الحق في التصرف براتبها دون موافقتها؟ وهل له الحق بإجبارها على الاستقالة من العمل والجلوس بالمنزل؟ وهل لي الحق في التدخل للحفاظ على مصالح أخواتي، وخصوصاً وأنني ولي أمرهن وأكبرهن لوفاة والدي؟ أفيدوني، أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما تكتسبه المرأة من عملها حق خالص لها ولا يحق للزوج أن يأخذ من مال زوجته شيئاً إلا إذا أذنت له في ذلك، أو جرى العرف أن يأخذ كل منهما من مال الآخر ما يحتاجه في حدود المعروف، أو اتفقا على أن تتنازل عن جزء من راتبها نظير سماحه لها بالعمل، فيجب الوفاء بما اتفقا عليه، وليس له أن يلزمها بنفقة من مالها الخاص، بل يجب عليه الإنفاق عليها مهما بلغ مالها كثرة.

وليس له أن يجبرها على الاستقالة من العمل إن كان قد وافق على الشرط الذي ذكرته قبل العقد، وكان عملها مضبوطاً بالضوابط الشرعية، فتخرج إليه محتشمة متحجبة، وتسلم فيه من الاختلاط بالرجال الأجانب، ولم يكن فيه تضييع لما أوجب الله عليها من حقوق للزوج والأبناء.

وفي الصحيحين عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. وفي سنن الترمذي من حديث عمرو بن عوف المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً.

أما تدخلك للحفاظ على مصالح أخواتك، فيجب أن يكون في حدود ما أحل الله تعالى لك أن تتدخل فيه فقط: من رفع الظلم عنهن، وإصلاح ما بينهن وبين أزواجهن، ويكون ذلك بحكمة وتأن، والامتناع عما يزيد المشاكل تفاقماً، وننصحك أن تحث أختك على التنازل عن بعض حقها تفضلاً منها لتحافظ على حياتها الزوجية مستقرة، وننصح الزوج ألا يستخدم سلطته كزوج لأخذ مال زوجته أو إجبارها على بذل شيء من النفقة الواجبة عليه، فإن هذا ظلم لها ووقاية لماله، وليكن ضابط العلاقة بين الزوج وزوجته كتاب الله: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229}، فإن أمسكها، فليكن له في رسول الله أسوة حسنة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي.

نسأل الله أن يصلح ذات بينكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني