الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عقد الولي لنفسه، ومسائل في الولي

السؤال

أقيم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ زمن وقد تعرفت على بعض الأمور التي يمارسها المسلمون والتي تحتاج إلى رؤية فقهية وبيان للأمة لعلنا نفيد ونستفيد إن شاء الله، من هذه الأمور أمر ولي المرأة المسلمة فهنا وينتشر هذا الأمر خاصة مع الأخوات اللاتي أشهرن إسلامهن وهن لسن من أسر مسلمة والطبيعي أن تعتمد الأخت على الله عز وجل ثم من بعده على أخوات يساعدنها للمعرفة، ولكي تجد في المسلمين أسرة كبيرة لها وعوضاً صالحاً أفضل مما كانت عليه قبل الإسلام، ولكن الذي يحدث أن تختار كل أخت ولياً لها من الرجال، وكما نرى فهذا الولي وأنا هنا افترض حسن النيات ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الأعمال بالنيات فربط النية الطيبة بعمل صالح فهذا الولي يحل له الزواج من واحدة أو كلهن إن أراد ذلك ويحدث هذا فعلاً، وتستشيره الأخت في أمور خاصة وعامة لقضاء حاجاتها، فهل يجوز ذلك وما هي الشروط والضوابط الشرعية في الإسلام لهذا الأمر، أفتونا جزاكم الله خيراً ولي رجاء إذا أمكن الرد باللغة العربية والإنجليزية والإسبانية فهذا إن شاء الله يكون في فائدة عموم المسلمين وثقلاً في موازين أعمالكم يوم القيامة، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تضمن السؤال أموراً هي:

1- أن المرأة المسلمة في أمريكا إذا كانت من أسرة غير مسلمة فإنها تختار لنفسها ولياً تستشيره في أمورها.

2- أن هذا الولي سيكون هو وليها في النكاح.

3- أنه يمكن أن يزوجها من نفسه إن أحب.

4- أنه يمكن أن يتزوج كل من في ولايته من النساء.

- فبالنسبة للنقطة الأولى لا نجد مانعاً من أن تعتمد المرأة على من تثق في إسلامه وفي رجاحة عقله، فتستشيره في أمورها الخاصة والعامة، وإذا لم تكن بينه وبينها محرمية، فيشترط لإباحة ذلك أن لا تحصل بينه وبينها خلوة، لما روى الشيخان من حديث ابن عباس مرفوعاً: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم.

وأن لا يمس منها أو يرى ما لا تحل له رؤيته، وأن لا تؤدي هذه الاستشارات إلى أي شيء محرم، والأولى للمرأة المسلمة تجنب كل ما يمكن أن تحصل منه ريبة.

- وحول النقطة الثانية نقول: إن الذي يصح أن يتولى عقد نكاح المرأة المسلمة هو وليها الشرعي إن كان مسلماً، فإن لم يوجد أو كان كافراً فالسلطان المسلم أو نائبه، فإن لم يوجد فرجل من عامة المسلمين، قال ابن قدامة في المغني: فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا ذو سلطان فعن أحمد بن حنبل ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها. وعليه فلا مانع من أن يزوج هذا الرجل من أرادت ولايته إذا لم يكن لها ولي شرعي، ولم يوجد سلطان مسلم.

- وفي النقطة الثالثة وهي ما إذا كان للولي أن يعقد لنفسه فالصواب أن ذلك يصح؛ لما روى البخاري من تزوج عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه من أم حكيم بنت القارظ لما جعلت أمرها إليه، وبهذا قال المالكية والأحناف وعدد كبير من أهل العلم، قال الخرشي: يجوز لابن العم والمعتق الأعلى والأسفل على ما فيه والحاكم ومن يزوج بولاية الإسلام أن يتولى طرفي عقد النكاح، إن عين لها أن يزوجها من نفسه.....

وقال صاحب الهداية: وإن أذنت المرأة للرجل أن يزوجها من نفسه فعقد بحضرة شاهدين جاز... والأحوط في هذه الحالة أن يأمر غيره بعقدها له مراعاة لمن يقول بعدم صحة عقده لنفسه، قال ابن قدامة في المغني: ومن أراد أن يتزوج امرأة هو وليها جعل أمرها إلى رجل يزوجها منه بإذنها.

- وفيما إذا كان يمكنه أن يتزوج كل من أرادته وليا من هذه النسوة فنقول: إن ذلك يصح بشرط أن تكون المرأة راضية به زوجاً وأن لا يزيد العدد على أربع نسوة، وأن يعدل بينهن، قال الله تعالى: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ [النساء:3]، وبشرط أن لا يوجد بعض موانع النكاح الأخرى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني