الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين الدعاء والنذر

السؤال

أشكركم علي إجابتكم علي سؤالي المتعلق بعلاقة الدعاء والقدر لكني أتساءل عن كون الدعاء سببا ليتحقق أمر كتب لك في حين أن النذرلا ينفع ولا يضر مع أن النذر دعاء وشكر ووعد لله فقولي مثلا -يارب إن أنجحتني فسأصوم كذا- يعني في الصميم أني أدعو وأترجي الله وصومي ذاك تعبير عن شكر وحمد لله فالنذر إذن دعاء وشكر لله فلماذا لا يحث عليه كما يحث علي الدعاء أسألكم إذا كان بإمكاني بعث أكثرمن سؤال مع احترام القدر المطلوب من الحروف نظرا لضيق الوقت للتردد علي الإنترنيت.جزاكم الله خيراً .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الدعاء يختلف عن النذر من عدة وجوه، منها أن الدعاء خضوع وتذلل وسؤال لله عز وجل، ومنها أنه من أبرز مظاهر العبادة التي من أجلها خلق الإنسان... ومنها أنه يقع من العبد في حاله السراء والضراء..

وأما النذر فظاهره المعاوضة والمبايعة.. فإذا احتاج العبد إلى شيء قال بلسان حاله أو مقاله يا رب إن أعطيتني كذا فسأفعل كذا من العبادة... ولهذا كان الدعاء محموداً في الشرع ومرغبا فيه بل وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه هو العبادة، كما قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.

وأما النذر فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه وقال: إنه لا يرد من القدر شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج. قال أهل العلم: من أسباب النهي عن النذر لئلا يظن الجهلة أن النذر يرد القدر، وقيل لكونه يأتي بالقربة على طريق المعاوضة... وشأن القربة أن تكون متمحضة لله تعالى، وقيل لأنه يأتي به تكلفا من غير نشاط.

ولا يلزم من الدعاء أو النذر حصول المطلوب في الحال... ولكن صاحب الدعاء يعلم أنه إما أن تعجل له الإجابة، وإما أن يدخر له ثوابها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه بها سوء في هذه الحياة، كما جاء في المسند والمستدرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر.

وليس كذلك النذر فإن صاحبه ينتظر حصول ما يريد حتى يقوم بالعبادة كأنه صاحب صفقة... وبهذا تعلم الفرق بين الدعاء والنذر، وأن النذر ليس بدعاء... وبه تعلم السبب الذي جعل الشرع يحث على الدعاء ولا يحث على النذر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني