الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يحصل مقصود النوافل إذا لم تؤد الفرائض

السؤال

قرأت عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال ( إن الله تبارك وتعالى لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة )فهل هناك فرق بين النافلة والسنة ؟ منذ قرأت ذلك وقد توقفت تماما عن أداء السنن لأنني أشتبه في أيام كنت لا أصلي فيها في بداية بلوغي , ونظرا لأنني لا أذكر بدقة هل عوضت ما فاتني من الصلوات حينها أم لا فإنني قمت بتصميم جدول لأؤدي ما فاتني من الصلاة إن شاء الله , فهل يحق لي أداء بعض السنن مثل التراويح وقيام الليل أم أن الله سبحانه وتعالى لا يتقبل مني ؟
جزاكم الله خيراً

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن السنة في عرف علماء أصول الفقه يعنون بها ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، وجمهور الأصوليين يجعلون: المندوب والسنة والنفل والتطوع ألفاظا مترادفة، قال في الإبهاج شرح المنهاج: ويسمى سنة ونافلة، ومن أسمائه أيضا أنه مرغب فيه وتطوع ومستحب، والترادف في هذه الأسماء عند أكثر الشافعية وجمهور الأصوليين. اهـ. ومن الأصوليين من يفرق بين هذه الأسماء بحسب تأكيد الطلب من عدمه، أما قول الصديق رضي الله عنه: إن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدي الفريضة. فالمقصود أن الإنسان لا يثاب على النافلة حتى تؤدى الفريضة، بمعنى أنه إذا فعل النافلة مع نقص الفريضة كانت جبراً لها وإكمالا فلم يكن فيها ثواب النافلة، ويبين ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن وجدت تامة كتبت تامة، وإن كان انتقض منها شيئا قال انظروا هل تجدوا له من تطوع، فإن كان له تطوع أكملت الفريضة من تطوعه، ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك. رواه النسائي عن أبي هريرة وصححه الألباني. ولهذا قال بعض السلف النافلة لاتكون إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وغيره يحتاج للمغفرة. قال ابن تيمية: فإذا لم يكن العبد قد أدى الفرائض كما أمر لم يحصل له مقصود النوافل ولا يظلمه الله فإن الله لا يظلم مثقال ذرة بل يقيمها مقام نظيرها من الفرائض كمن عليه ديون لأناس ويريد أن يتطوع لهم بأشياء، فإن وفاهم وتطوع لهم كان عادلاً محسناً، وإن وفاهم ولم يتطوع كان عادلا، وإن أعطاهم ما يقوم مقام دينهم وجعل ذلك تطوعا كان غالطا في جعله، بل يكون من الواجب الذي يستحقونه. اهـ. ومما سبق يتبين أن المقصود من قول أبي بكر ليس ترك النوافل حتى إتمام الفرائض الفائتة، وإنما المقصود عدم تحصيل الثواب المرجو من النافلة إلا إذا أدى الفريضة كاملة كما شرعها الله وإلا جبرت النقص الواقع في الفريضة. ولمعرفة كيفية قضاء الفوائت من الصلاة راجع الفتوى رقم: 17940. وأما السنن كالتراويح وغيرها من السنن الرواتب فمستحب لك أداؤها لأنها شرعت لمزيد التقرب إلى الله لقوله عز وجل في الحديث القدسي: ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حت أحبه. الحديث رواه البخاري. ونسأل الله عز وجل أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني