الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإسلام والمرأة : تكريم أم إهانة.

السؤال

السلام عليكم أقرأ على الانترنت بعض الشبهات عن الاسلام لا أجد لها جوابا مثل: أن الإسلام أهان المراة عندما سمح للزوج بضرب زوجتة وأن هذة طريقة همجية لمعاملة المراة؟ فما الاجابة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

أيها الأخ الكريم لا تشغل نفسك بمثل هذه السفسطات والتفاهات ويكفي في الرد عليها سقوطها وانحطاطها عند من لديه أدنى نظر.مع أنه قد قيض لكل سفطة منها قديماً وحديثاً من رد عليها ويكفي في الدلالة على ما ذكرنا لك من سقوطها سقوط هذه الشبهات التي ذكرت.
فأما كون الإسلام أهان المرأة فهذا غير صحيح إطلاقاً،بل إنه أكرمها ورفع منزلتها وصانها ووفاها حقوقها على الوجه الأكمل والأحكم. بل هم الذين أهانوها وابتذلوها وداسوا كرامتها وعرضوا عرضها لكل من هب ودب، ووصلوا من ابتذالها أن جعلوها وسيلة عرض وترويج ودعاية فجعلوها عارضة أزياء ومروجة مجلات ومحلات كل ذلك على حساب عرضها وكرامتها.
وما يتعلق به هؤلاء من أن الإسلام لم يساو بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات فشبهة أوهى من نسج العنكوبوت لا تنطلي إلا على أصحاب النظر القصير والتفكير المحدود. فإن الله تعالى هو الذي خلق الجنسين الذكر والأنثى، وركب في كل منهما خصوصياته، وحدد له الوظيفة التي تتناسب معه. فجعل الرجل جلداً قوياً شديد القلب مهيئاً للكد والكدح والكسب. فناسب ذلك الوظيفة التي أسندت إليه وهي القوامة على البيت والأسرة.
وجعل المرأة جنساً لطيفاً، فهي جياشة العواطف حساسة المشاعر، فناسب ذلك أن تصان كما تصان الجوهرة، ويحافظ عليها كما يحافظ على سواد العين، وأن توكل إليها مهمة البيت والتربية.
وبهذا يحصل التوازن والتكافؤ، وكما يقال: وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
ولعله مما لا جدال فيه أنه من غير المناسب أن تكلف المرأة بالكد والكسب والقوامة على الأسرة.
وإن الذين خالفوا هذا النهج الرباني. واختاروا لأنفسهم ما أو صلتهم إليه عقولهم مجردة عن وحي الله تعالى جنوا ثماراً مرة قاتلة أقروا بذلك أم جحدوا. ومن هنا نصل إلى ما تريد وهو أن الله تعالى جعل القوامة للرجل لأنها تتناسب مع طبيعته وخصوصياته. وتلك القوامة تكليف أكثر مما هي تشريف، وتلك القوامة تقتضي أن يخول الرجل صلاحيات تمكنه من إدارة شؤون من هو قيم عليهم ، وتلك الصلاحيات محدودة بقدر الحاجة مضبوطة بضوابط شرعية صارمة من تعداها يعد باغياً ظالماً يوقف عند حده. ومن تلك الصلاحيات أن يؤدب من انحرف عن الجادة وخيف منه أن يلحق ضرراً أو خللاً بالأسرة التي يدور في منظومتها والمجتمع الذي هو فيه حتى يعود إلى الجادة ويستقيم على الصراط المستقيم.
وهذا التأديب مضبوط ومحدد بحدود مقصور على قدر الحاجة وهل تتخيل أن هذا الضرب الذي تحدث عنه القرآن يكون على حساب هوى الرجل أو أنه يكون من الرجل بدون أن يلجأ إلى محاولات أخرى أخف منه. وأن الضرب يكون بعصاً أو سوط أو حبل؟ ليس الأمر كذلك إطلاقاً. فإن تخيلت ذلك أو تخيله غيرك فأنتم عن فهم ما يقصده القرآن بمعزل.
أقر أخي الكريم هذه الآية القرآنية وتمعن واقرأ ما فسرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فسرها به علماء هذه الأمة وهم ورثة علم نبيهم صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34} وفي صحيح مسلم وغيره من حديث جابر الطويل الذي يصف فيه حجة الوداع وخطبة النبي صلى الله عليه وسلم الشاملة التي فصل فيها شرائع الإسلام وبينها يقول فيها: " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا إذا اعتصمتم به كتاب الله…" إلى آخر الحديث.
وفي سن الترمذي من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهم سبيلاً .." إلى آخر الحديث.
والضرب غير المبرح هو الذي لا يترك أثراً.
سأل عطاء ابن عباس عن الضرب؟ فقال ابن عباس: هو بالسواك ونحوه.
وقد نص أهل العلم أن هذه الأمور المذكورة في الآية يرتبها الزوج إذا أراد أن يؤدب أولاً الموعظة ثانياً الهجر ثالثاً الضرب غير المبرح وانظر أخي أيهما أولى بالصواب: أن تؤدب المرأة إذا جاءت بفاحشة مبينة أو يطلق لها العنان لتأتي بخدنها إلى الغرفة التي تلي غرفة زوجها فلا يستطيع الزوج أن يعترض لأن في ذلك تقييداً للحريات وهضماً للحقوق. والعجب كل العجب من العقول التي يفكر بها هؤلاء المشرعون من دون الله تعالى والمعيار الذي يزنون به الأمور. فكيف يمنحون الرؤساء ومن دونهم صلاحيات وسلطات واسعة النطاق ليعاقبوا ويؤدبوا من شاءوا من شعوبهم ممن يرونه خارجاً على القانون مخلاً بالنظام العام، ولم يعدوا ذلك تدخلاً في شؤون تلك الشعوب الخاصة ولا تقييداً لحرياتهم ولا هضماً لحقوقهم. وفي المقابل يشنون هذه الحملة التي لا هوادة فيها على من مارس صلاحيات شرعها الله وظهرت مصلحتها . فيا للعجب!!!!
وأبشرك أن هذا الموضوع أشبع بحثاً في كل جوابه حتى إن الكثير من الكتاب والمفكرين المعتدلين في الغرب أقر بنجاح النظام الإسلامي في الأسرة.
وحتى أكون صريحاً معك لا أخفي عليك أن كثيراً من المسلمين يمارسون هذا الحق خارج الإطار الذي شرع الله تعالى، فهؤلاء لا يمثلون الإسلام وهو من تصرفهم هذا بريء.

والله ولي التوفيق.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني