الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في ما يعفى عنه من النجاسات

السؤال

أود أن أسال عن مشكلة تحيرني، فعادة بعد التبول، مع العلم بأني ذكر ألاحظ خروج قطرة أو أكثر من البول أو الودي، وأنا عادة لا أعرف مكان إصابتها للثوب، فأود أن أعرف ما الحكم في ذلك، وماذا أفعل لأن تلك المشكلة تحيرني، فهل يجب مسح الثوب بالماء أو غسله أم التغاضي عنها؟ أرجو الرد واضحا لأني أحيانا لا أفهم الإجابة وعدم إرسالي لفتوى أخرى، وأشكركم على هذه الخدمة العظيمة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن أصاب ثوبه بول أو ودي أو غيرهما من النجاسات وجب عليه غسل الموضع الذي أصابته النجاسة، فإن لم يستطع تحديد الموضع لزمه غسل الثوب كاملاً، هذا إن تيقن الإصابة بالنجاسة، أما إذا كان ذلك مجرد شك ومن باب أولى إذا كان وسوسة ففي هذه الحالة يلغى ولا يلتفت إليه لأن الأصل الطهارة.

وأما إذا كانت النجاسة يسيرة كنقطة بول أو ودي، فاختلف أهل العلم فيها، فيرى الشافعية أنه لا يلزم غسلها، ووافقهم المالكية فيما إذا عسر الاحتراز منها كأثر الذباب من العذرة والبول، ورأوا أن ما كان كدرهم بغلي فأقل، من الدم والقيح والصديد يعفى عنه، والدرهم البغلي هو الدائرة السوداء التي في باطن ذراع البغل.

وذهب الحنفية إلى أن ما كان من النجاسة المغلظة، وهي ما ثبت بدليل مقطوع به، كالدم والبول والخمر، فإنه يعفى عن قدر الدرهم وما دونه، وما كان من النجاسة المخففة، وهي ما ثبت بخبر غير مقطوع به، كبول ما يؤكل لحمه، يعفى عنها ما لم تبلغ ربع الثوب على تفصيل عندهم في الثوب المعتبر في هذا التقدير.

قال البابرتي في العناية شرح الهداية: وقدر الدرهم وما دونه من النجس المغلظ كالدم والبول والخمر وخرء الدجاج وبول الحمار جازت الصلاة معه، وإن زاد لم تجز.

وقال الإمام النووي في المنهاج: وكذا في قول نجس لا يدركه طرف -أي معفو عنه- قلت: -والقول للنووي- ذا القول أظهر. والله أعلم. انتهى.

قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج قوله: وكذا في قول نجس لا يدركه طرف، أي لا يشاهد بالبصر لقلته لا لموافقة لون ما اتصل به، كنقطة بول وخمر وما تعلق بنحو رجل ذبابة عند الوقوع في النجاسات -وقوله- قلت: ذا القول أظهر، أي من مقابله، وهو التنجيس لعسر الاحتراز عنه، فأشبه دم البراغيث. انتهى.

وقال الخطيب أيضاً في بيان تحديد اليسير المعفو عنه من النجاسات: قال شيخنا -أي زكريا الأنصاري-: والأوجه تصويره باليسير عرفاً، وهو حسن. انتهى.

وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه لا يعفى عن يسير النجاسة خصوصاً الغائط أو البول، قال البهوتي في (كشاف القناع): فصل: ولا يعفى عن يسير نجاسة ولو لم يدركها الطرف أي البصر، كالذي يعلق بأرجل ذباب ونحوه، لعموم قوله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ. فإن كان من سبيل لم يعف عنه لأنه في حكم البول أو الغائط.

وهذا القول الأخير هو الأحوط .وعليه، فينبغي لمن تنزل منه نقطة بول أو ودي أن لا يصلي بالثوب الذي أصابته حتى يغسل موضع النجاسة إن علمه، وإلا غسل الثوب كاملا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني