الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إمساك الزوجة مع عدم معاشرتها لا يجوز

السؤال

أنا متزوج منذ أربعة عشر عاما من زوجتي الحالية، وعمرها آنذاك كان أربعة عشر عاما.
في بداية زواجنا واجهنا بعض المشاكل بسبب الوضع التعليمي وفرق السن، وقد كنا نتغلب عليها في كثير من الأحيان خلال السنوات الأولى، بعدها سافرنا إلى الخارج لإكمال دراستي الجامعية، وعشنا معا في سعادة وهناء، بعدها عدنا إلى بلدنا، وفي هذه الأثناء ومنذ ثماني سنوات حتى الآن تواجهنا بعض المشاكل الاجتماعية التي نتغلب على كثير منها ونقوم بحلها.
وأخيرا علمت من أخي الأكبر (زوج أختها) أن زوجتي وهي عمرها 19 عاما -أي قبل 9 سنوات- وفي أثناء سفري للخارج لأداء بعض امتحاناتي لمدة ثلاثة شهور قد خانتني بالزنا مع شاب خدعها وأوهمها بالزواج، وبعلم أختها التي تكبرها بتسع سنوات في بيتنا المشترك. على الفور طلقتها، وللأسف راجعتها بعد ذلك.
لا أستطيع نسيان ذلك، ينتابني شعور بعدم الراحة في الحياة الزوجية، وأفكر كثيرا في الزواج من أخرى ولا أعاشر زوجتي الحالية لأبقيها تربي أولادنا؛ بل أحيانا هناك أفكار بعملية الطلاق مرة أخرى، علما بأنني أحب أطفالي الأربعة، ولا أستطيع التفريط بأي منهم، وهم جميعا دون سن العاشرة، وعاهدتني على كتاب الله بعد توبتها أن تكون وتبقى زوجة صالحة. علما بأننا ملتزمون معا بالصلاة وقراءة القرآن.
أرجو منكم إرشادي لما فيه الخير والعدل تفاديا للوقوع في أي مشاكل نفسية، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كانت زوجتك قد حصلت منها تلك المعصية بالفعل إلا أنها قد تابت وندمت على ما فعلت وصلح حالها كما يفهم من السؤال، فإننا ننصحك بعدم تطليقها وبالستر عليها وأنت مأجور مثاب على ذلك إن شاء الله تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة. رواه مسلم في صحيحه.

وفي عدم تطليقها حفاظ على الأسرة من التصدع وذلك يؤدي إلى تربية أطفالكم بطريقة أفضل في وجود الأسرة المستقرة؛ خاصة وقد مر زمن طويل على معصيتها وأعلنت لك عن توبتها وندمها وعاهدتك على عدم الرجوع إلى المعصية.

أما بقاؤها مع عدم معاشرتها فإنه غير جائز لأن من حق الزوجة على زوجها أن لا يمتنع عن وطئها مدة تتضرر فيها، والله تعالى قد أمر بمعاشرة الزوجة بالمعروف فقال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19} ولا شك أن من العشرة بالمعروف إعفاف الزوجة حتى لا تتطلع إلى غير زوجها.

وأما تفكيرك في الزواج من أخرى فإن تعدد الزوجات أمر قد أباحه الشرع بشرط العدل؛ لقوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ {النساء: 3} وراجع في بيان ذلك الفتوى رقم: 1342، والفتوى رقم: 9451.

وأما بخصوص الحلف على المصحف فقد سبق لنا تفصيل القول فيه في الفتوى رقم: 36839 فراجعها.

وننبه الأخ السائل إلى أن لفظ الخيانة الزوجية في الدلالة على الزنا من الألفاظ التي أدخلها أعداء الإسلام إلى لغتنا فينبغي اجتنابه كما وضحنا ذلك في الفتوى رقم: 15726.

وننبهك أخي السائل أيضا إلى أن سكنك مع أخيك في بيت مشترك جائز بشرط عدم الاشتراك في المرافق التي هي مظنة انكشاف العورة كالمطبخ والحمام والممرات ونحوها. وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 53584.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني