الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم

السؤال

كموقع إسلامي أنتم تقومون بنشر الإسلام وآدابه السمحة، جزاكم الله كل خير.
أنا زوجة لا يحسن زوجها معاملتها أبدا، دائما يصرخ، ولا يرحم في كبيرة ولا صغيرة، ولا يعاملني حتى بحق الله، يتركني وأطفالي في المنزل؛ كي يقضي وقته في المقاهي حتى منتصف الليل، كل شيء عنده بالصراخ والألقاب النابية، ولولا أنني أعرف الله، ولولا أطفالي، لما استمررت بالعيش معه، إنه يصلي، ويقرأ القرآن، ولكن ما الهدف إذا لم يتدبره، ويطبق ما فيه؟
بالنسبة إليه الصلاة قضاء واجب، أتت بحكم العادة، دون أي تدبر لمعاني المودة والرحمة التي أمر الله بها. أنا أعلم تمام العلم بأن هذا غير مسموح به في ديننا الحنيف، إلا أن الدين لديه ليس رادعا لأعماله، وتصرفاته معي.
لذا من يصله رسالتي هذه، فإنني أحمله الأمانة التالية: وهي كتابة فتوى بضرورة معاملة الرجل لزوجته المعاملة الحسنة، وبأنه مسؤول عن كل أعماله معها أمام الله تعالى، وأن توزع على موظفي مؤسستكم داخليا، لعله يتخذ العبرة ويتعظ.
أين أنتم من قول الرسول: "أوصيكم بالنساء خيرا". حتى عند وفاته توفي وهو يوصي الرجال بالنساء. إن نشر الإسلام يجب أن يبدأ داخليا بكم وبالموظفين القائمين عليه، وتطبيقه، وليس فقط بتطبيق الفروض ونسيان ما تبقى.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله سبحانه أن يصبر الأخت، ويأجرها على صبرها واحتسابها، وأن يهدي زوجها للصواب، ونوجه الكلمة للزوج، ولكل زوج يظلم زوجته، ويسيء عشرتها فنقول: إن أولى الناس بإحسان المرء هم الأقربون، كما قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ {النساء:36}.

وأقرب الناس للرجل بعد والديه زوجته، وهي الصاحب بالجنب، وقد أمره الله سبحانه بإكرامها والإحسان إليها، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19}. وقال -صلى الله عليه وسلم-: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي ( 3895 ) وابن ماجه ( 1977 ) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال: أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم. رواه أبو داود ( 4682 ) والترمذي ( 1162 ) وقال: حديث حسن صحيح.

إن إكرام المرأة دليل على الشخصية المتكاملة، وإهانتها دليل على الخسة واللؤم، فما أكرم النساء إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم.

وإن الزوج مسؤول أمام الله سبحانه عن زوجته، وعن تعامله معها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله، وهو مسؤول عن رعيته. متفق عليه.

كما أن على الزوجة أن تعرف حق زوجها عليها، وتؤدي ما أوجب الله عليها تجاهه. وتراجع الفتوى: 29922.

ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى التالية: 2589، 3698، 5381.

وأخيرا، فإننا ننصح كلا منكما أن يجتهد في أداء ما عليه من حقوق للآخر، وأن يتغاضى عما يمكن التغاضي عنه، مما له من حقوق على الآخر، وأن تكون معاملة كل منكما للآخر مبنية على التسامح، والتماس الأعذار لما يحصل من كل واحد منكما من زلل، وبهذا تستقيم الزوجية، وينعمان بالسعادة والاستقرار فيها.

ونوصي هذه الزوجة بالصبر على الزوج، والغض عن مساوئه، والاجتهاد فيما يرضيه، وبتذكيره برفق ولين بما عليه من الحقوق التي سوف يُسأل عنها.

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني