الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصدقة على الغني

السؤال

ما حكم أخذ لحم الأضحية من الجار أو من ذوي القربى؟ وهل تعد هي صدقة على المقتدر بحيث يجب أن يسأل هل هي صدقة ام هدية؟ وهل ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من لحم الأضاحي؟ ولو ضحى المرء من هو الأولى بالأضحية ؟
ما هو المستحب في ذلك أفيدوني أفادكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا مانع من أخذك بعض لحم الأضحية من جارك أو غيره ولو كنت غنيا وقادراعلى الأضحية، ولا يلزمك السؤال هل اللحم المذكور هدية أم صدقة؟ وعلى افتراض كونه صدقة فيجوز لك قبوله ولو كنت غنيا؛ لأن صدقة التطوع مباحة للغني، قال النووي في المجموع: تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف، فيجوز دفعها إليهم ويثاب دافعها عليها, ولكن المحتاج أفضل. قال أصحابنا: ويستحب للغني التنزه عنها, ويكره التعرض لأخذها. انتهى.

وقال الكاساني في بدائع الصنائع: وأما صدقة التطوع فيجوز صرفها إلى الغني لأنها تجري مجري الهبة. انتهى. وللمزيد راجع الفتوى رقم: 35844

وكون النبي صلي الله عليه وسلم أكل من أضحية غيره لم نقف على ذلك بخصوصه، لكن الثابت من خُلُقه صلى الله عليه وسلم وفعله أنه كان يقبل الهدية من غيره، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أوكراع لقبلت.

وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن عائشة رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ؛ خُيِّرَتْ عَلَى زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ، وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدُمٍ مِنْ أُدُمِ الْبَيْتِ، فَقَالَ: أَلَمْ أَرَ بُرْمَةً عَلَى النَّارِ فِيهَا لَحْمٌ؟ فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَكَ مِنْهُ. فَقَالَ: هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا: إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ. انتهى

وانطلاقا من هذا فلا مانع من أكله صلى الله عليه وسلم من أضحية غيره، ومن أراد التصدق من أضحيته فالأفضل أن يبدأ بذوي رحمه الفقراء لأن الصدقة عليهم صدقة وصلة للرحم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي القرابة اثنتان صدقة وصلة. رواه النسائي وابن ماجه وصححه الشيخ الألباني.

وقال النووي في المجموع: أجمعت الأمة على أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب. والأحاديث في المسألة كثيرة مشهورة. انتهى.

وبالنسبة لما يفعل بالأضحية فيستحب للمضحي أن يأكل منها ويتصدق ويهدي لغيره. وراجع الفتوى رقم: 12388،

ومن أهل العلم كالحنابلة والشافعية من أوجب التصدق منها؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 44487

والأضحية سنة عند جمهور أهل العلم ليست بواجبة، وراجع الفتوى رقم:14090.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني