الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

سؤالي يتعلق بأمر في العقيدة وله علاقة أيضًا بالتفسير (من أركان الإيمان أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، الإيمان بالرسل ركن من أركان الإيمان، وحسب علمي أنه ثمة فرق بين الرسول والنبي، الرسول كما أعلم يوحى إليه ويؤمر بتبليغ الرسالة، والنبي هو أيضًا يوحى إليه ولا يؤمر بتبليغ الرسالة، نعلم جميعًا أن أولي العزم من الرسل أنبياء ورسل وأن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً، وأنا أعلم أن سيدنا هارون نبي، وليس رسولا، ونجد في كتاب الله وبالتحديد سورة طه وسورة الشعراء، قال تعالى في سورة طه (فأتياه فقولا إنا رسولا رب العالمين)، وفي سورة الشعراء في قوله (فقولا إنا رسول رب العالمين).
سؤالي: هل لفظ رسولا ورسول في الآيتين يخالف المعنى المفهوم عندي في العقيدة، أم أن المعنى في الآيتين له معنى الناحية اللغوية؟
أفتونا مأجورين، وأثابكم الله وجزاكم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالفرق بين النبي والرسول هو كما ذكرت على الصحيح، وللعلماء أقوال أخرى في التفريق بينهما بيناها في الفتويين:53449، 51071، وما أحيل إليه من فتاوى خلالهما.

وأما هارون فهو رسول لا خلاف في ذلك أرسله الله تعالى مع أخيه موسى إلى فرعون لما سأله موسى ذلك في قوله تعالى على لسانه: قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي {طه: 25-32}، فأجاب الله تعالى دعوته وأرسل معه أخاه فقال: قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى {طه: 36}. ولهذا يقال أعظم منة أخ على أخيه منة موسى على هارون إذ أرسل من أجله.

ولا ندري من أين علمت كون هارون نبيًا وليس رسولاً، وعلى كل فهارون نبي ورسول، والآيتان اللتان ذكرت صريحتان في ذلك، ومعناهما كغيرهما من الآيات التي فيها ذكر الرسل، قال ابن كثير في تفسيره: فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الشعراء: 16} كقوله في الآية الأخرى إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ أي كل منا أرسل إليك. اهـ.

وهكذا قال جميع المفسرين، وهنا لطيفة ننبه إليها وهي أنه ثنى الرسول في آية وأفرده في آية، والمقصود به اثنان (موسى وهارون) قال صاحب الكشاف: فإن قلت: هلا ثنى الرسول كما ثنى في قوله: إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ في سورة طه قلت: الرسول يكون بمعنى المرسل وبمعنى الرسالة فجعل ثم "أي في طه " بمعنى المرسل فلم يكن بد من تثنيته، وجعل ههنا بمعنى الرسالة، فجاز التسوية فيه .. بين الواحد والتثنية والجمع كما يفعل بالصفة بالمصادر نحو: صوم وزور والشاهد في الرسول بمعنى الرسالة قوله:

لقد كذب الواشون ما فهت عندهم ... بسر ولا أرسلتهم برسول.

فجاز أن يوحد الرسول هنا "والمقصود اثنان موسى وهارون" لأن حكمهما لتساندهما واتفاقهما على شريعة واحدة واتحادهما لذلك وللأخوة كان حكما واحدا فكأنهما رسول واحد. انتهى منه بتصرف يسير.

وقال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وفعول الذي بمعنى مفعول تجوز فيه المطابقة للموصوف وعدمها وجاء الوجهان في نحو (رسول) كما في قوله تعالى إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ بالمطابقة للموصوف وعدمها في قوله إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ وهما وجهان مستويان. انتهى منه بتصرف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني