الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسرار عدم تكرر سورة يوسف كغيرها من القصص

السؤال

لماذا ذكرت قصة سيدنا يوسف في سورة يوسف فقط. مع أن قصص الأنبياء موجودة في أكثر من سورة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قص الله تعالى في كتابه على نبيه قصص الأنبياء قبله وبين حكمته في ذلك بقوله : لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ {يوسف:111}

وقد كرر الله تعالى في كتابه قصص بعضهم وأفرد بعضا، ومن ذلك قصة يوسف عليه السلام فذكرها جملة واحدة في سورة واحدة، وفصلها أحسن تفصيل، وبينها أكمل بيان، وفي ذلك إعجاز وتحد.

قال القرطبي في تفسيره: قال العلماء: وذكر الله أقاصيص الأنبياء في القرآن وكررها بمعنى واحد في وجوه مختلفة بألفاظ متباينة على درجات البلاغة، وقد ذكر قصة يوسف ولم يكررها فلم يقدر مخالف على معارضة ما تكرر ولا على معارضة غير المتكرر .

وهذا وجه لعدم التكرار، وربما يكون منه أيضا مجيئها مفصلة في مكان واحد وقد افتتحها بقوله تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ {يوسف:3}. قال البغوي: وقيل: المراد منه: قصة يوسف عليه السلام خاصة سماها أحسن القصص لما فيها من العبر والحكم والنكت والفوائد التي تصلح للدين والدنيا من سير الملوك والمماليك والعلماء ومكر النساء والصبر على أذى الأعداء وحسن التجاوز عنهم بعد الالتقاء وغير ذلك من الفوائد.

قال خالد بن معدان: سورة يوسف وسورة مريم يتفكه بهما أهل الجنة في الجنة. وقال ابن عطاء: لا يسمع سورة يوسف محزون إلا استراح إليها.

قال الألوسي: ووجه أحسنيتها اشتمالها على حاسد ومحسود، ومالك ومملوك، وشاهد ومشهود، وعاشق ومعشوق، وحبس وإطلاق، وخصب وجدب، وذنب وعفو، وفراق ووصال، وسقم وصحة، ورحل وارتحال، وذل وعز.. قيل: ولكونها بتلك المثابة من الحسن تتوفر الدواعي إلى نقلها ولذا لم تتكرر كغيرها من القصص. وقيل: سبب ذلك ما تضمنته من افتتان امرأة ونسوة بأحد من أبدع الناس جمالا ويناسب ذلك عدم التكرار لما فيه من الإغضاء والستر.. وقال الأستاذ أبو إسحاق: إنما كرر الله تعالى قصص الأنبياء وساق هذه القصة مساقا واحدا إشارة إلى عجز العرب، كأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال لهم: إن كان من تلقاء نفسي فافعلوا في قصة يوسف ما فعلت في سائر القصص، وهو وجه حسن إلا أنه يبقي على أن تخصيص سورة يوسف لذلك يحتاج إلى بيان، فإن سوق قصة آدم عليه السلام مثلا مساقا واحدا يتضمن الإشارة إلى ذلك أيضا بعين ما ذكر. وقال الجلال السيوطي: ظهر لي وجه في سوقها كذلك وهو أنها نزلت بسبب طلب الصحابة أن يقص عليهم، فنزلت مبسوطة تامة ليحصل لهم مقصود القصص من الاستيعاب وترويح النفس بالإحاطة. انتهى من روح المعاني بتصرف يسير

وهذا بعض ما أجيب به عن عدم تكرار تلك القصة، وللاستزادة انظر كتب التفسير وقصص الأنبياء.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني