الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى أثر التعامل بالربا على الاستشفاء بزمزم

السؤال

السؤال حفظكم الله: ذكرت أحاديث عن ماء زمزم لما شرب له هل النية تكفي للاستشفاء بماء زمزم أم يجب الدعاء، وإذا كان يجب الدعاء، أنا لدي مشكلة حيث إن من شروط استجابة الدعاء أن يكون المأكل والمشرب من حلال وأنا لدي بطاقة فيزا وماستر على بنك ربوي فهل هذه البطاقات تحول بيني وبين الدعاء والاستشفاء بماء زمزم أي ( لا منفعه من ماء زمزم أو لا استشفاء بماء زمزم طالما لدي بطاقات فيزا وماستر ) أفيدوني أثابكم الله حيث إنني تشتت في الإفتاءات ولم أحصل على حل في هذه المسألة لدرجة أنني تركت ماء زمزم والاستشفاء به ؟ وجزاكم الله خير الجزاء .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

ففي ماء زمزم شفاء من الأسقام، ويأتي شربه على ثلاث مراتب:

الأولى: أن يشربه دون أن يستحضر نية الشفاء ولا عدمه، وهذا يحصل الشفاء بإذن الله، لأن ما ثبت أن فيه شفاء وتناوله المرء شفاه الله، ولا يحتاج إلى نية لأنه ليس بعبادة .

الثانية: أن يشربه بنية الشفاء فيحصل له الشفاء بإذن الله كما سيأتي في الحديث .

الثالثة: أن يشربه بنية الشفاء مع دعاء الله عز وجل بأن يجعله سببا لشفائه، والدعاء غير لازم وإنما يحسن الإتيان به، وقد روى الحاكم وغيره أن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما كان إذا شرب ماء زمزم قال: اللهم أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء ، هذا وأفضل المراتب هي الثالثة ثم الثانية ثم الأولى ، وقد روى الإمام الطبراني في معجمه الكبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام من الطعم، وشفاء من السقم . وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه: لما أخبر النبي الله عليه وسلم بمكثه ثلاثين بين يوم وليلة بمكة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: فمن كان يطعمك ؟ فقال له: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إنها مباركة، إنها طعام طعم . رواه مسلم، وفي مسند البزار: إنها مباركة، إنها طعام طعم، وشفاء سقم .

وفي مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجه وغيرهما عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ماء زمزم لما شرب له.

ومن هذا تعلم أن ماء زمزم فيه شفاء ولو لم يستحضر شاربه ولا دعا عنده؛ إلا أن الأفضل لشاربه أن ينوي به الاستشفاء، وأن يدعو الله عز وجل، أما أكل الحرام -ربا كان أو غيره- فإنه من موانع إجابة الدعاء، فقد أخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد: أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة . رواه الطبراني في الأوسط .

فعليك أولا أن تتخلص من الحرام وتبدله بالطيب ليبدل الله حياتك إلى هناء وسعادة وفلاح في الدنيا والآخرة، فأكل الربا من أكبر الكبائر، وقد يتفضل الله على آكل الحرام من المسلمين بل والكافرين فيستجيب له أحيانا، ويشفيه إذا تداوى بماء زمزم أو غيره، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم : 54062 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني