الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لبس ثياب عليها كتابة.. رؤية شرعية

السؤال

هل يجوز لباس ثياب عليها كتابة من الخلف، وهل ورد ذلك في الأحاديث المتواترة، وإن كان اجتهادا فما هي الحجة ؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أنه ليس من اللازم في ثبوت الأحكام أن يرد فيها حديث متواتر، بل وليس من اللازم أن يرد فيها خبر خاص عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولو غير متواتر. نعم، لو وجد في المسألة حديث متواتر أو حديث آحاد لكان الاحتجاج به أولى من الاحتجاج بغيره.

وإذا لم يوجد شيء من ذلك، فإن اجتهاد أهل العلم الراسخين بإلحاق ما لم ينص عليه بما نص عليه حجة. فهذا أعلمُ الأمة بالحلال والحرام معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يقول عند سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم له: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يرضي رسول الله. رواه أبو داود والترمذي.

وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن لبس ثياب عليها كتابة من الخلف أو من أي جهة أخرى لم يرد فيه دليل، لكن هذه الكتابة إن كانت مما يعظمه الشرع كالقرآن والحديث وأسماء الله الحسنى وأسماء الأنبياء والملائكة ونحو ذلك فالواجب صيانتها عن كل ما ينافي تعظيمها وتعريضها للإهانة.

قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ{الحج: 30). وقال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ{الحج: 32}. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يذكر اسم الله إلا على طهارة، كما في حديث المهاجر بن قنفذ : أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر. رواه أبو داود وصححه الألباني.

وقال بعض أهل العلم إن الحروف مطلقا لها حرمة، قال الدسوقي: قال الشيخ إبراهيم اللقاني: محل كون الحروف لها حرمة إذا كانت مكتوبة بالعربي؛ وإلا فلا حرمة لها إلا إذا كان المكتوب بها من أسماء الله، وقال عج ( أي علي الأجهوري ) الحروف لها حرمة سواء كتبت بالعربي أو بغيره وهو ما يفيده ح ( أي الحطاب ) وفتوى الناصر قال شيخنا وهو المعتمد. اهـ

ولا شك في أن لبس الثوب والتعرق فيه والاضطاع به في الأماكن التي قد تكون نجسة أو قذرة يتنافى مع تعظيم ما هو مكتوب فيه.

وعليه، فإذا كانت الكتابة المذكورة هي مما يعظمه الشرع، فقد علمت ما في لبسها من النهي، وإن لم تكن مما يعظمه الشرع، فالأحوط أيضا تجنب لبسها خروجا من الخلاف ما لم يشق ذلك .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني