الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وضوء من مسح رأسه بفضل بلل يديه

السؤال

فضيلة الشيخ عند الوضوء آخذ غرفة ماء وأدلك اليد اليمنى حتى المرفق بها وآخذ غرفة أخرى وأغسل اليد اليسرى بها ثم أمسح الرأس كلها بالكفين بدون غسل الكفين لتجديد الماء لمسح الرأس، لقد رأيت أشخاصا لا يجددون الماء لمسح الرأس بعد غسل الذراعين ففعلت مثلهم، هل هذا صحيح أم يجب تجديد الماء في الكفين لمسح الرأس، وهل يبطل الوضوء لو استخدم نفس الماء الموجود في الكفين بعد غسل الذراعين لمسح الرأس؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن مسح الرأس على الحالة المذكورة لا يجزئ كما نص على ذلك الشافعية والحنابلة وهو مذهب أبي حنيفة كما ذكر ابن قدامة، أي لا بد من أخذ ماء جديد لمسح الرأس، ولا يجزئ مسحه بما بقي في اليدين من البلل لأنه ماء قد استعمل في رفع الحدث، قال الشافعي في الأم: ولو مسح رأسه بفضل بلل وضوء يديه أو مسح رأسه ببلل لحيته لم يجزه ولا يجزئه إلا ماء جديد. انتهى.

وقال ابن قدامة في المغني: ويمسح رأسه بماء جديد غير ما فضل عن ذراعيه، وهو قول أبو حنيفة والشافعي والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، قاله الترمذي. وجوزه الحسن وعروة والأوزاعي لما ذكرنا من حديث عثمان، ويتخرج لنا مثل ذلك إذا قلنا: إن المستعمل لا يخرج عن طهوريته، سيما الغسلة الثانية والثالثة، ولنا: ما روى عبد الله بن زيد، قال: مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه بماء غير فضل يديه. وكذلك حكى علي ومعاوية. رواهن أبو داود. قال الترمذي: وقد روي من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ لرأسه ماء جديداً. ولأن البلل الباقي في يده مستعمل، فلا يجزئ المسح به، كما لو فصله في إناءٍ ثم استعمله. انتهى.

وعلى هذا.. فلا يصح وضوء من مسح رأسه ببقية بلل غسل اليدين أو غيرهما مثل بلل اللحية، وتعتبر صلاته باطلة تجب إعادتها عند الشافعية والحنابلة والأحناف.

وعليه؛ فإن على الأخ السائل أن يتنبه لهذا الأمر في المستقبل، فإذا توضأ فليأخذ ماء جديداً لمسح رأسه استقلالا، كما أن عليه أن ينبه غيره ممن يراه لا يفعل ذلك. ولبيان كيفية القضاء يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 61320، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 70806.

أما عند المالكية فإن كان يبقى في اليدين من بقية الماء ما يكفي لمسح الرأس صح الوضوء مع الكراهة ولو لم يأخذ ماء جديداً، بناء على مذهبهم من كراهة الطهارة بالماء المستعمل في الحدث مع وجود غيره، ففي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير على مختصر خليل: ويندب تجديد الماء لمسح الرأس، ويكره بغيره كبلل لحيته إن وجد غيره؛ وإلا فلا. انتهى.

وخلاصة القول أن الوضوء على الحالة المذكورة يعتبر غير صحيح عند أكثر أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة، وعليه؛ فلا بد من إعادة الصلوات التي أديت به، ومن أهل العلم من يرى صحته، وبالتالي صحة الصلاة به، فلا تجب الإعادة. هذا مذهب المالكية على التفصيل الذي تقدم عنهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني