الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توضيح حول حكم رضاع الكبير

السؤال

أريد أن أسأل عن موطأ مالك (كتاب الرضاع) باب ما جاء في الرضاعة بعد الكبر، ما هذا الهراء والافتراءات (خاصة إن جاء ذكر بغيض للسيدة عائشة فيه) وكيف يتم نشرها في مواقع أحاديث إسلامية، أرجو الإجابة؟ بارك الله فيكم وأعتذر لعدم اقتباس الكلام لأنه بغيض جداً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الحديث المشار إليه حديث صحيح وليس في الموطأ وحده بل هو في أكثر دواوين السنة، فأصله في الصحيحين وغيرهما فقد ذكر البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن أبا حذيفة وكان ممن شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبنى سالماً وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة وهو مولى لامرأة من الأنصار كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً وكان من تبنى رجلاً في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث من ميراثه حتى أنزل الله تعالى: أدعوهم لآبائهم. فجاءت سهلة النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث.

وقد ذكره الإمام مالك تحت عنوان (ما جاء في الرضاعة بعد الكبر) ليبين حكم الشرع في ذلك ومذاهب أهل العلم فيه، ثم ذكر في هذا الباب أن جمهور أهل العلم من الصحابة يذهبون إلى أن الرضاعة لا يحرم منها إلا ما كان في الحولين -الذين هما مدة الرضاعة- ومن هؤلاء عمر وابن مسعود وأم سلمة كما في الآثار التي ذكرها مالك في الموطأ بعد الحديث المذكور مباشرة وأن هذه القصة خاصة بسهلة دون غيرها، وأن مذهب عائشة رضي الله عنها أن رضاع الكبير ينشر الحرمة مستدلة بالحديث المذكور، وكان ذلك مذهب أبي موسى الأشعري ورجع عنه إلى قول ابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين، وهو مذهب أهل الظاهر، وقد استقرت مذاهب أهل السنة على أن رضاع الكبير لا يحرم، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن من حالتها كحالة سهلة يجوز لها أن تستعمل رضاع الكبير، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 3901.

وأما فهمك في الحديث فإنه فهم خاطئ وغلط بين فإن قوله (فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال) معناه أن رضاع الكبير ينشر الحرمة عندها كما ذكرنا -فمن أرضعته أختها أو إحدى بنات أختها يكون ابن أختها من الرضاعة- ومعلوم أن ابن الأخت من الرضاعة يكون محرماً عند الجميع، كما في قول الله تعالى: وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ {النساء:23}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة. متفق عليه، وهؤلاء الذين يدخلون عليها يدخلون ليرووا عنها أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ويدخلون وهي في كامل سترها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني