الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التصرف في مال المحجور عليه

السؤال

أنا شاب مسلم متزوج من مسيحية، وأعيش في بلد أجنبي، وأم زوجتي مريضة بالزهايمر (الخرف) لذلك فقد أرسلتها زوجتي لمركز الرعاية لأصحاب هذا المرض وقامت بعقد صفقة بيع لبيت أمها بموجب وكالة كانت قد وقعتها أمها لها، وتنوي زوجتي الاحتفاظ بالمبلغ لنفسها، مع العلم بأن لديها أختا متوفاه وأختا على قيد الحياة، وترغب زوجتي إعطائي من هذا المال، فهل يحق لي الأخذ منه، فقد حاولت أن أوضح لها بأن عليها قسمة المبلغ بين ورثة أختها المتوفاة وبين أختها الثانية، فأخبرتني أنها تملك وكالة عن أمها تتيح لها بيع البيت والاحتفاظ بالمبلغ لنفسها وأن قانون الدولة الأجنبية التي نعيش بها يسمح لها بالاحتفاظ بالمبلغ كاملا ما لم تكن هناك وصية من قبل أمها.. وأختها تعلم بصفقة البيع وتعلم أنها لن تحصل على شيء، حسب قانون بلادهم، فهل يجوز لي شرعا الأخذ من هذا المال، أم لا؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبالنسبة لحكم الشريعة في مثل هذه الصورة المعروضة فإنه يجوز لوكيل المحجور عليه لجنون ونحوه أن يبيع عقار المحجور عليه إذا كان ذلك في مصلحة صاحبه، ففي كتاب الفروع لابن مفلح ما يلي: وله بيع عقاره لمصلحة، وقيل: بل لضرورة أو غبطة. انتهى.

ويجب عليه أن يحفظ ثمنه للمحجور عليه ولا يتصرف فيه تصرف المالك، لأن هذا المال إنما هو وديعة عنده، ولا ينتقل ملكه إليه إلا بتحقق موت مورثه إن كان ممن يرثه، فالجنون وإن كان سبباً للحجر ومانعاً للتصرف؛ إلا أن مال المجنون يظل مملوكاً له حتى يموت، فإذا مات اقتسم الورثة المال كل حسب حصته الشرعية.

وعليه.. فتصرف زوجتك في مال أمها واستحواذها عليه يعتبر في حكم الشريعة اعتداء على مال الغير بدون وجه حق، ولا يحل لك قبول شيء من هذا المال لأنه ليس مالها.

ثم إننا ننبه إلى أمرين: الأول: أن البنت التي ماتت في حياة أمها لا يرث أبناؤها شيئاً من متروك جدتهم.

الثاني: أن القانون لا يبيح ما هو محرم في الشرع فلا عبرة بقانون أباح ما حرمه الله.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني