الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفريق بين الاجتهاد في تحري الحلال والحرام وبين الوسوسة والمغالاة

السؤال

كيف أفرق بين أني أذكر الله كثيراً وبين أني أعاني من الوسوسة وتخمة الذكر، أجلس أحيانا بعد صلاة الفجر ما يقارب النصف إلى ثلاث أرباع الساعة.. وجزء هام من الوقت يكون في استحضار المعنى للكلمة.. وقد أعيد التسبيح أو الآية إذا ما وجدتني سهوت أو لم أتفكر في المعنى، وكيف أفرق بين الاجتهاد في تحري الحلال والحرام وبين الوسوسة والمغالاة، حتى لا يكون المرء كبني إسرائيل.. شددوا فشدد الله عليهم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا أكثرت من أي نوع من أنواع ذكر الله تعالى كتلاوة القرآن أو التسبيح مثلاً فأنت من الذاكرين الله كثيراً، وما تتكلفه من استحضار معاني كلمات الذكر وإعادة بعضها كل ذلك داخل في الذكر، فذكر الله تعالى باللسان مع التدبر بالقلب أفضل مراتب الذكر الثلاث المتقدمة في الفتوى رقم: 28251.

والاجتهاد في البعد عن الحرام مطلوب من المسلم؛ بل من الورع الابتعاد عن الشبهات وهي الأمور التي أشكل حكمها بحيث لم تتضح حرمتها ولا إباحتها، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حو الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب.

قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: وأما المشتبهات فمعناه أنها ليست بواضحة الحل ولا الحرمة فلهذا لا يعرفها كثير من الناس ولا يعلمون حكمها، وأما العلماء فيعرفون حكمها بنص أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك، فإذا تردد الشيء بين الحل والحرمة ولم يكن فيه نص ولا إجماع اجتهد فيه المجتهد فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي، فإذا لحق به صار حلالا، وقد يكون دليله غير خال عن الاحتمال البين فيكون الورع تركه ويكون داخلاً في قوله صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. انتهى.

أما الوسوسة والمغالاة فهي ترك الشيء استناداً لشبهة بعيدة لا تستند إلى شيء يشهد لها، قال الخادمي الحنفي في بريقة محمودية: لكن الشبهة البعيدة ليست مما يلزم اجتنابها فيهما؛ كترك التزويج من نساء بلد كبير خوف المحرمية له، وترك ماء في فلاة لجواز عروض النجاسة، أو غسل ثوب مخافة لحوق نجاسة عليه، عن القرطبي الورع في مثلها وسوسة شيطانية. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني