الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الزوج أوجب من طاعة الأم

السؤال

أنا سيدة عمري 31 سنة، مشكلتي ابتدأت حينما أنهيت دراساتي العليا وحصلت على دبلوم هندسة في مجال الهندسة المدنية، أنا مغربية درست في مدينة الدار البيضاء وعائلتي تسكن في مدينة طنجة حيث ازددت ودرست حتى نلت شهادة الباكلوريا، بعد تخرجي بدأت أبحث عن عمل وحيث إن الدار البيضاء هي العاصمة الاقتصادية تمكنت من الحصول على عمل بها، أمي لا تحب الدار البيضاء وتكرهها كرها كبيراً وكانت تقول لي إذا لم تجدي عملا في طنجة فلتجلسي في المنزل، لكنني لم أستطع بعد كل هذه السنوات التي قضيتها في الدراسة خصوصا وأنه قد مرت أمام عيني تجربة أختي التي حصلت على الإجازة وجلست في المنزل بدون عمل لمدة خمس سنوات إلى أن وافتها المنية، حز كل ذلك في نفسي فأصررت بكل قواي أن أعمل وكان أبي موافقا إلا أن أمي كانت صارمة ودائما تتخاصم مع أبي بسببي وتأمره أن يمنعني ويجلسني في المنزل، كنت في البداية أعمل وأسكن في داخلية المدرسة التي تخرجت منها إلى أن التقيت بشاب أراد الزواج مني على سنة الله ورسوله إلا أنه للأسف لم يكن ًطنجاويا فكان ذلك ذنبه لأن أمي لن تقبله أبدا وخصوصا وأنه يعمل كمهندس بمدينة الدار البيضاء، ففاتحت شخصا عزيزا علي من العائلة والشخص الذي تكن له أمي التقدير والاحترام فقام بدور والداي والتقى بالشخص هو وزوجته واقتنعا به، وبما أنهما يعرفان عناد أمي وعصبيتها، قررا أن يتدخلا في هذا الزواج على أساس أنهما يعرفان هذا الشخص وهو من طرفهما إلا أنها رفضت في المرة الأولى وقالت لهما أنها تريدني أن أكون بجانبها في طنجة وأنها لن توافق على أي شخص من خارج مدينتها ولو بقيت بدون زواج طول حياتي، لكنهما ضغطا عليها وكانت أختي تكذب عليها وتقول لها إن هذا الشخص سوف يعود إلى طنجة، وهكذا تزوجت بهذا الشخص ولكن أمي لم تكن سعيدة وكانت تنتظر عودتنا صباح مساء، لكن زوجي ما زال شابا طموحا بدأ حياته في الدار البيضاء وما زال يريد إكمال دراسات أخرى بها ولا يمكنه العمل في مدينة طنجة وبالرغم من أنني تزوجت، كانت أمي دائما تضغط علي وتطلب مني أن أرغم زوجي على العودة إلى طنجة وإلا فأنا لست ابنتها ولا تريدني وأنا عاقة لأني تخليت عنها، مع العلم بأنها تعيش مع أبي وأختي الكبرى التي لم تتزوج بعد، أصبحت أعيش حياة كلها مشاكل وخلافات، أعمل كل ما بوسعي لكي أدخل الفرح على قلب أمي لكن للأسف كانت دائما عصبية غير راضية ما دمت بعيدة عنها، أساعد والداي بقدر من المال وأزورهما باستمرار على الأقل مرة كل شهر حتى إنه في بعض الأحيان أتخاصم مع زوجي كي يسمح لي بالذهاب لزيارتهما ولكن بالرغم من ذلك أمي ليست راضية وتقول لي باستمرار إذا كنت ستأتين ثم تعودين إلى الدار البيضاء فلا داعي أن تأتي.أمي دائما عصبية، مريضة بسببي وذلك يؤثر علي وعلى حياتي الشخصية وأصبحت معذبة وبالرغم من ذلك تعايشت مع هذه المشكلة إلى أن رزقت ببنت، كنت أتمنى أن تدخل على أمي السكينة وتطمئن علي خصوصا وأني والحمد لله إلى جانب رجل يحبني ويقدرني إلا أنه لا يقبل أن تتحكم عائلة زوجته في قراراته وحياتهمنذ أن تزوجت ونحن نسكن في مسكن للكراء، فقررنا أنا وزوجي اقتناء منزل يجمع عائلتنا الصغيرة بالدارالبيضاء وبالفعل اقتنيناه، فكانت الصدمة الكبرى لأمي لأنها تنتظر عودتنا إلى طنجة، فقطعت أمي كلامي وقالت لي أني لست ابنتها لأنني سمعت كلام زوجي وطاوعته فأصبحت أمي مريضة نفسيا لا تنام الليل وتبكي وأنا لا أدري ماذا أفعل هل أطاوعها وأخرب حياتي ومستقبلي وأضيع أسرتي الصغيرة أم ماذا، وهل أعتبر عاقة لها إذا لم أطاوعها، حرت كثيراً وأصبحت معذبة إن مشكلتي هذه نادرة ولكنها موجودة وتنغص علي حياتي، فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دام الزواج قد تم فالواجب عليك هو طاعة زوجك وتقديم ذلك على طاعة والدتك لأن طاعته أوجب وألزم من طاعة غيره.. فقد ورد في الأمر بطاعته والتحذير من مخالفته والوعيد عليها ما لم يرد في حق غيره، ولهذا قال الإمام أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة: طاعة زوجها أوجب عليها من أمها. وقد بينا حقوق الوالدين ووجوب طاعتهما في المعروف، فراجعي ذلك في الفتوى رقم: 3109، والفتوى رقم: 19419.

كما بينا حقوق الزوج ووجوب طاعته في الفتوى رقم: 1780، وكذلك واجب كل من الزوجين نحو أقارب الآخر في الفتوى رقم: 15865.

والذي ننصحك به هو أن تحاولي إرضاء والدتك بما استطعت من زيارتها وطمأنتها وفعل ما تريد منك متى ما قدرت على ذلك ما لم يؤدي ذلك إلى عصيان زوجك، ولمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39040، 28847، 42591، 522، 1734.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني