الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزهد الممدوح والزهد المذموم

السؤال

ما رأيكم في الاخشوشان في الحياة وهل الحديث الذي ينسب إلى عمر رضي الله عنه (اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم) أو بما معناه صحيح، وهل يثاب المرء على ذلك، و هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلكوإذا كان المرء أغناه الله بفضله فما الذي يفضل التقشف أم التنعم بما منحه الله عز وجل؟
و جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالقول المنسوب إلى عمر في هذا المعنى المذكور في السؤال غير ثابت عنه، والتمتع بما أنعم الله به على المرء فيما يباح جائز، وإن ترك ذلك زهدا وتواضعا لله تعالى واقتداءا بالنبي صلى الله عليه وسلم أثيب على ذلك، ولمزيد من التفصيل نقول:

إذا كان المسلم يجاهد نفسه للبعد عن الترفه والتنعم في المطعم والملبس والمسكن ونحوها قاصدا بذلك كف النفس عن الفخر والتكبر وسالكا سبيل التواضع والزهد فيثاب على ذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان مضرب المثل في الزهد والإعراض عن الدنيا وملذاتها مع تمكنه من التمتع بها، فقد كان صلى الله عليه وسلم ينام على حصير يؤثر في جنبه، ويمكث الشهرين فأكثر لم توقد في بيته نار بل كان طعامه التمر والماء، ولم يشبع من خبز الشعير حتى توفاه الله.

وفي سنن أبى داود عن أبي أمامة قال ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما عنده الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تسمعون ألا تسمعون إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان يعني التقحل. وصححه الشيخ الألباني.

قال المناوي في فيض القدير: (البذاذة) بفتح الموحدة وذالين معجمتين قال الراوي : يعني التقحل بالقاف وحاء مهملة رثاثة الهيئة وترك الترفه وإدامة التزين والتنعم في البدن والملبس إيثارا للخمول بين الناس ( من الإيمان ) أي من أخلاق أهل الإيمان إن قصد به تواضعا وزهدا وكفا للنفس عن الفخر والتكبر لا إن قصد إظهار الفقر وصيانة المال، وإلا فليس من الإيمان من عرض النعمة للكفران وأعرض عن شكر المنعم المنان، فالحسن والقبح في أشباه هذا بحسب قصد القائم بها، إنما الأعمال بالنيات. انتهى.

وفي مسند الإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم لما أرسل معاذ بن جبل قال له : إياك والتنعم، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين. وصححه الشيخ الألباني.

وفي المصنف لابن أبى شيبة: عن ابن عمر قال: لا يصيب أحد من الدنيا إلا نقص من درجاته عند الله، وإن كان عليه كريما. والقول المأثور عن عمر رضي الله ورد بلفظ: تمعددوا واخشوشنوا وانتضلوا وامشوا حفاة . وضعفه الألباني والسخاوي.

وراجع لمعرفة شيء من زهد النبي صلى الله عليه وسلم الفتوى رقم: 80298.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني