الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجنة طيبة أعدت للطيبين فأهلها لا يشتهون الخبيث

السؤال

هل الإنسان في الجنة يمكنه أن يطلب من الله عزوجل ما قد حرمه الله في الدنيا، مثال ذلك هل يمكن أن يطلب رجل معاشرة رجل أحبه في الدنيا.
أرجو الرد على هذا السؤال.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالجنة وإن لم يكن فيها تكليف لكن أهلها لا يشتهون الخبيث، ولا يتمنون ما كان محرما في الدنيا لخبثه ونفور الفطر السوية منه كمعاشرة الرجل للرجل ونحوه، وأمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا هذا من حيث الإجمال، وإليك التفصيل: وهو أن الجنة فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ العين، وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، كما وصفها الخالق جل وعلا، ووصفها رسوله صلى الله عليه وسلم.

ومن زحزح عن النار وأدخل الجنة فله ما يتمنى وله ما يشتهى، لكن أصحاب الجنة همهم عالية وشهواتهم نبيلة، فلا يتمنون الخبيث ولا ما تعافه النفوس من السوية والفطر السليمة مما كان محرما في الدنيا لذلك كمعاشرة الرجال بعضهم لبعض أو معاشرة البهائم ونحو ذلك. قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: فالله سبحانه وتعالى جعل الطيب بحذافيره في الجنة، وجعل الخبيث بحذافيره في النار، فجعل الدور ثلاثة: دار أخلصت للطيبين، وهي حرام على غير الطيبين، وقد جمعت كل طيب، وهي الجنة، ودار أخلصت للخبيث والخبائث، ولا يدخلها إلا الخبيثون، وهي النار، ودار امتزج فيها الطيب والخبيث وخلط بينهما وهي هذه الدار، ولهذا وقع الابتلاء والمحنة بسبب هذا الامتزاج والاختلاط، وذلك بموجب الحكمة الإلهية، فإذا كان يوم معاد الخليقة ميز الله الخبيث من الطيب، فجعل الطيب وأهله في دار على حدة لا يخالطهم غيرهم، وجعل الخبيث وأهله في دار على حدة لا يخالطهم غيرهم، فعاد الأمر إلى دارين فقط: الجنة وهي دار الطيبين، والنار وهي دار الخبيثين، وأنشأ الله تعالى من أعمال الفريقين ثوابهم وعقابهم، فجعل طيبات أقوال هؤلاء وأعمالهم وأخلاقهم هي عين نعيمهم ولذاتهم، أنشأ لهم منها أكمل أسباب النعيم والسرور، وجعل خبيثات أقوال الآخرين وأعمالهم وأخلاقهم هي عين عذابهم وآلامهم، فأنشأ لهم منها أعظم أسباب العقاب والآلام، حكمة بالغة وعزة باهرة قاهرة، ليرى عباده كمال ربوبيته، وكمال حكمته وعلمه وعدله ورحمته، إلخ.

وننصحك بقراءة ما ثبت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف الجنة، وقد ألف علماء الإسلام في وصف الجنة والنار والدار الآخرة تآليف مستقلة كما ضموا كتبهم التفسيرية والحديثية كلاما مستفيضا عنها.

ومن الكتب المؤلفة في هذا الموضوع كتاب التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للإمام القرطبي، وكتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، للإمام ابن القيم، ورسالة في ثلاثة مجلدات، لأحد المعاصرين بعنوان الحياة الآخرة، للدكتور غالب عواجي، ومن المختصرات المفيدة في هذا الباب الجزء الخامس من سلسلة الدكتور عمر سليمان الأشقر والذي عنوانه الجنة والنار.

وراجع لزاما الفتاوى التالية أرقامها: 179، 6872، 6872، 7123، 7413، 16534، 16534، 30615.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني