الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا بد من رد الحقوق إلى أهلها لصحة التوبة من السرقة

السؤال

يفترض أن أكون خجلة من هذا السؤال ولكني لا أستطيع مصارحة طرف آخر سواكم، أنا فتاة اقترفت ذنب السرقة منذ صغري وعلى مستويات مختلفة من سرقة والدي التي كشفت وكنت بعمر 10 سنوات ثم التحقت بالجامعة في دولة أخرى وقمت أيضا بالسرقة من بيت عمي وخالتي وصديقاتي في السكن والجامعة دونما أي ندم وقتها، وأنا تخرجت منذ 10 سنوات وتبت إلى الله توبة نصوحا من هذا الذنب ونادمة أشد الندم، أهلي لا يعلمون بالموضوع وصدقوني لقد تبت تماما وأديت فريضة الحج في العام الماضي مع أهلي وأصلي وأصوم النوافل وألتزم بها وأحاول جاهدة التقرب إلى الله بشتى الطرق، المهم عرفت منذ فترة أن ذنب السرقة لا يغفر إلا إذا ردت المسروقات إلى أصحابها والمشكلة أنني لا أستطيع أن أفضح نفسي الآن وأكشف المستور عني برد المسروقات إلى أقاربي مثلاً، علما بأنني والله لا أعلم بعناوين سكن معظم من سرقت منهم أو كيفية الوصول إليهم خاصة وأنهم في دولة أخرى لا أستطيع السفر إليها للبحث عنهم حاليا بدون محرم بعد التزامي وأفكر برد قيمة المبالغ المسروقة إلى أقاربي على شكل هدايا مثلا خاصة وأنني حاليا موظفة وأستطيع تحمل عبء هذه النفقات وحدي، المشكلة أنني سرقت أشياء عينية لا نقودا من المعظم فكيف أقدر ثمنها وكذلك للأسف لا زلت أحتفظ ببعض المسروقات والتي أحاول التخلص منها بتوزيعها على أي أحد دون أن ألفت نظر أهلي للموضوع حيث إنهم يستغربون لماذا أقوم بتوزيعها وهي مستعملة في البيت حيث إنهم يعتقدون أنها ملكاً لي ولهم بالحلال، فهل الصدقة كفيلة بأن تكفر عن ثمن السرقات التي لا أستطيع ردها إلى أصحابها والله معظمهم لا أعرفهم أصلا، فماذا أفعل أرجوكم أفيدوني أنا أشعر بقهر شديد من هذا الموضوع ولا أريد أن أفضح نفسي، والله لقد تبت ولا أعرف كيف كنت أقوم بهذا العمل المشين، ولكن هذا ما حدث وأريد أن يمحى هذا الذنب عني وأتخلص من توابعه للأبد، دائما أدعو الله أن يقبل توبتي ويعينني على التخلص من توابع ذنب السرقة فوالله أنا قد تغيرت وأسعى دائما للتقرب إلى الله وطلب المغفرة منه، فأرجوكم أرشدوني لا أعرف كيف أتصرف؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

من شروط التوبة من السرقة رد الحقوق إلى أصحابها حسب الإمكان، ولا يلزم إخبارهم بالسرقة، وما لم يعلم صاحبه من الحقوق يتصدق به عنه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهنيئاً لك نعمة التوبة والاستقامة على طاعة الله، ونسأله سبحانه أن يعيننا وإياك على الثبات، والأمر على ما ذكرت من أن من تمام التوبة من حقوق الناس ردها إلى أصحابها، والأمر في هذا هين، إذ المهم أن يصل الحق إلى صاحبه ولا يلزم إخباره بأمر السرقة ونحو ذلك، ولكن يلزم أن تكون النية رد الحق إليه لا مجرد الإهداء، وراجعي الفتوى رقم: 23322.

وما لم يعلم صاحبه من الحقوق فيجب التصدق به عنه، وتراجع الفتوى رقم: 58530، وهذه الأمور العينية فالأصل ردها بعينها إذا أمكن ذلك دون حصول مفسدة راجحة، وإذا كان قد حدث فيها ما يمنع ردها بعينها كاستهلاكها أو تغيرها تغيرا بينا يخرجها عن اسمها فيلزم ضمان مثلها إن كانت مثلية أو قيمتها إن كانت مقومة، وانظري الفتوى رقم: 64078.

وننبه إلى أن التوبة في الصغر قبل البلوغ وإن كانت لا يترتب عليها إثم إلا أنها يلزم فيها الضمان، كما بينا في الفتوى رقم: 63974.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني