الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استعمال الحليب المخلوط بإنزيمات من الخنزير

السؤال

ما الحكم الشرعي في شرب حليب خاص-حالات مرضية محددة للأطفال- دخلت في تصنيعه إنزيمات من الخنزير. وقد تم إزالة آثار الخنزير منه تماما. 100%. مع ملاحظة وجود البدائل لهذا الحليب.
فهل هذا الحليب نجس أم لا؟ يرجى الإفاده مع اختلاف المذاهب إن وجد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل في التداوي بالمحرمات والنجاسات الحرمة؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ فَتَدَاوَوْا، وَلا تَتَدَاووا بِحَرَامٍ. رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني.

وقال صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَدَاوَى بِحَرَامٍ لَمْ يَجْعَلِ الله فِيهِ شِفَاءً. رواه أبو نعيم في الطب، كما في السلسلة الصحيحة للألباني.

وما استعملت في تصنيعه مادة محرمة من حيوان لم يذك أصلا، أو من حيوان نجس كالخنزير كالأنزيمات المذكورة، فإنه لا يجوز استعماله، لأنه بامتزاج تلك المادة النجسة به صار نجساً إلا في حالين:

الأولى: أن تكون العين النجسة قد تغيرت عينها بالاستحالة قبل إضافتها إلى المادة المراد تصنيعها، لأننا نقول: إن المادة المضافة هي عين أخرى غير نجسة.

الثانية: أن تضاف العين النجسة إلى المادة المراد تصنيعها، ثم تستحيل هذه المادة المزيج شيئاً آخر.

فالمادة المزيج من النجس والطاهر إذا استحالت عيناً أخرى فحكمها حكم ما استحالت إليه.

وقد ذكرنا حكم استعمال النجس إذا تحول عن أصله بالتفصيل في الفتويين رقم: 6783، 18817 فلتراجعا.

وذكرنا حكم التداوي بالمحرمات والنجاسات في الفتوى رقم: 6104.

ومع ما ذكرناه من طهارة هذه الأشياء بالاستحالة إلا أننا ننبه إلى أن الأولى إذا كانت هناك بدائل أخرى لا شبهة فيها أن يترك المشكوك فيه إلى الحلال الطيب لقوله صلى الله عليه وسلم: الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَدْرِي كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ أَمِنْ الْحَلَالِ هِيَ أَمْ مِنْ الْحَرَامِ فَمَنْ تَرَكَهَا اسْتِبْرَاءً لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ فَقَدْ سَلِمَ، وَمَنْ وَاقَعَ شَيْئًا مِنْهَا يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَ الْحَرَامَ كَمَا أَنَّهُ مَنْ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ. رواه البخاري ومسلم والترمذي- واللفظ له- وقال: حسن صحيح .

وننبه كذلك على أنه ليس للمسلم أن يتولى معالجة شيء من أجزاء الخنزير بتحويلها بقصد الاستعمال، وإنما الجواز المذكور في كلامنا السابق يتوجه إلى حكم استعمال ما هو مصنوع وموجود بالفعل، ولا يعني الجواز تعمد صنع ذلك؛ لأننا مأمورون باجتناب الخنزير ومشتقاته، هذا هو حكم المسألة ولكنه إذا لم يوجد بديل مباح فينظر حينها إلى مدى الحاجة إلى ذلك، وتوزن بميزان الشرع، ويرجح ما تقتضيه الأدلة الشرعية، ويراجع في هذا المعنى الفتوى رقم: 98073 ففيها مزيد فائدة .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني