الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الثواب أو العقاب مترتب على حرية الاختيار

السؤال

إذا كان الله جل وعلا قد كتب على كل إنسان وقدر عليه الأقدار بكل ما يجري له في حياته من سعادة وشقاء ورزق وتوفيق وخلافه مما هو مقدر من لدن العزيز الحكيم فكيف يؤاخذ العبد ويعاقب في الدنيا من قبل إنسان آخر ( الحكومة مثلاً ) على شيء قد قدره الله جل وعلا عليه طالما أن الله قد قدر على العبد وكتب عليه هذه المعصية أو هذا الخطأ شاكرين لكم وفقكم الله تعالى لما فيه الخير والصلاحمحمود

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الله تعالى قد خلق في العبد قوة وإرادة بها يتمكن من فعل ما أراد وترك ما لم يُرد، وهذا مما لا يتردد فيه عاقل. فإذا أقدم العبد على فعل شيء يوجب له العقاب، في الدنيا أو في الآخرة، استحق ذلك العقاب، لأنه قد خالف الأمر مختاراً.
وليُعلم أن الله جل وعلا ربط الأشياء بالأسباب، فالجنة تنال بسبب، والنجاة من النار تكون بسبب، والحصول على الرزق يكون بسبب، والحرمان من الرزق يكون بسبب، فإذا فعل العبد السبب المؤدي إلى واحد من هذه الأشياء حصل له المسبب.. إلا إذا شاء الله غير ذلك لمانع من الموانع، وبهذا شهدت أدلة كثيرة من القرآن والسنة والعقل.
أما القرآن فقد ذكر فيه ذلك في كثير من المواطن، كقوله تعالى:ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ [سـبأ:17]. وقوله تعالى:فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً*وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً [النساء:160-161].
وقال تعالى:وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]. إلى غير ذلك من الآيات.
وأما السنة فكقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بخطيئة يخطئها. رواه أحمد وابن ماجه وحسنه الألباني والأرناؤوط.
وكقوله صلى الله عليه وسلم: النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسراً. رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وأما العقل فإنه يمُلي ضرورة أن إنجاب الولد لابد له من الزواج والجماع، وأن الشبع والري لابد له من تناول الطعام والشراب، وأن اتقاء البرد لابد أن يكون باللباس المناسب، وأن المقاتل لا بد أن يتدرب على القتال قبل دخول المعركة، إلى غير ذلك مما هو معلوم بالعقل.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
9192
14623
14291.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني