الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج من يتخيل الأشكال أنها صلبان

السؤال

أنا مصابة بالوسواس، ولقد عزمت على تطبيق برنامج علاجي للشفاء منه -بإذن الله- كلية؛ وذلك بالتجاهل الكلي، لكن قتلني وسواس الأفكار، وقد زاد معي كثيرا منذ أردت تطبيق العلاج، فأصبح لا يطاق، لذا أريد أن أسأل: ماذا أفعل في هذه الحالات؟ وهل آثم أم لا؟
خيالي يصور من بعض الأشكال أشكالا أخرى، وهذا يسبب لدي الآن مشاكل؛ فما في الباب أعتبره صليبا، وبعض زخارف البلاط صورت لي وجوها، وزخارف زرابي الصلاة كذلك، وأكاد أجزم أن زخارفها تشكل وجوها, حتى صور المآذن وما فيها أشكل منها وجوها؛ فالنوافذ عيون، والباب فم، وما إلى غير ذلك. والمشكلة تكون حينما أريد الصلاة فوق تلك الزرابي، فأتعذب كثيرا، فحين يأتي نظري عليها أقنع نفسي أنني أنظر إلى موضع السجود، لا لها, وعند الركوع، أو السجود، أو ذكر الله أقنع نفسي أنني أعبد الله وأسجد له، لا لتلك الأشكال المزعجة, لكن عندما أكون متعبة لا أستطيع أحيانا دفع تلك الأفكار، ويقع نظري على تلك الأشكال، حتى زخارف السقف من ورود تصور لي على أنها صليب، وزخارف البلاط تشكل لي وجوها، حتى أنني أرهقت من كثرة دفعها، والآن أصلي على الأرض مع تغطية البلاط المقابل لموضع الصلاة بقماش، حتى لا يأتي نظري على تلك الأشكال.
سؤالي هو: هل أتجاهل كلية تلك الأشكال عند ذكر الله أو الصلاة، وليس علي شيء؟ حتى ولو جاء نظري عليها، أو أحسست أني أكلمها دون أن أقصد، أم أنني آثم على ذلك، ويجب علي إقناع نفسي في كل مرة، لأنني أحيانا حين أتجاهل، وحتى عندما أريد إقناع نفسي أحس أن لدي يدا في ذلك رغم كرهي الشديد له، لكن خوفي أرهقني، فأعيد النطق بالشهادتين مرارا وتكرارا، حتى أن ذلك بدأ يصعب علي لكوني أخاف تزامن ذكري لله مع وقوع بصري على تلك الأشكال، وأحيانا آتي بهما سرا لا جهرا حتى لا يسمعني أهلي.
بالنسبة لزرابي الصلاة يحدث لي هذا مع كل زرابي البيت الخمسة، ففكرت بشراء واحدة من دون زخارف رغم خوفي من أن ينتبه أهلي لذلك, لكن بلاط المنزل، والأبواب، والنوافذ لا أستطيع تغييرها. وأيضا أقول: لماذا كل أهلي يصلون فوقها، وجميع الناس، أما أنا فأخاف من تلك الأشكال، فهذا حتما إشكال فيّ، فماذا أفعل؟ في الوقت نفسه أكاد أجزم أن ما فيها يشكل وجوها، وأخاف أن آثم إن أنا صليت بها.
شيء آخر: أثناء دفعي للوسواس، أو حين ذكري لله، أحس أنني إن توقفت على كلمة فقد أكفر -والعياذ بالله- لأن الوسواس داخلي قد يغلبني أحيانا، وأخاف إن توقفت عن المقاومة، وتوقف النفَس، وأتيت بحركة معينة فقد قبلته كما قلت رغم كرهي الشديد له، فهل آثم في تلك الحالات؟ أم أتجاهل ذلك كلية، ولا أحاول النقاش حتى وإن غلبت في داخلي وظننت أن ذلك مني.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما نسأل الله لك العافية، وعلاج ما تعانين منه هو التجاهل التام لهذه الوساوس، فلا تعيريها أي اهتمام، ولا تكترثي بها البتة، وصلي علي أي شيء من تلك الفرش، ومهما وسوس لك الشيطان أن ثم صورا لأشخاص، أو لصلبان فتجاهلي هذا كله، وامضي في صلاتك، ولا تلتفتي إلى ما يلقيه الشيطان في قلبك من الوساوس، ولا تخرجك هذه الوساوس والتخيلات من الإسلام، ومن ثم فلا مسوغ لتكرار النطق بالشهادتين سرا أو جهرا، وهذه الوساوس لا تؤثر على صحة إيمانك البتة، بل إنك تؤجرين على مدافعتها، ومجاهدتها، وعدم الاسترسال معها، وانظري الفتوى رقم: 147101.

والحاصل: أن عليك الاستمرار في مجاهدة الوساوس، والسعي الحثيث للتخلص منها، وحبذا لو راجعت الأطباء الثقات في ذلك، كما يمكنك مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني