الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسوسة قد تبلغ بالعبد أن يتخيل أمرا واقعا وهو ليس كذلك

السؤال

قرأت قبل الفجر فتوى عن من ينزل من فمه دم ماذا يفعل؟ ورغم أن هذا لا يحدث معي إلا أنني وجدت طعم الدم في ريقي عندما دخل وقت الفجر، وهو طعم محسوس حقيقي وليس وهما، فهل الشيطان له قدرة أن يخرج الدم من ضرسي؟ وإن لم يكن فما هذا الذي يصيبني؟ ومثلا بقي لي أيام لا أستطيع فيها صلاة العشاء في المسجد ولا في أول وقته والعشاء بالذات، وذلك إما بسبب أن أجد نفسي في أمس الحاجة للتبول، وأحتاج بعدها وقتا كي أتأكد من انقطاعه، وإما بسبب نزول المذي، وكم من مواقف أكون فيها في أمس الحاجة للبقاء على طهارة لبعض الوقت، ولا يمكنني ذلك إما من المذي وإما من رائحة غائط أجدها في سروالي، وربما بقيت وقتا أكثر من السابق بكثير على طهارة إذا لم أكن محتاجا لذلك، آخر ما أريد قوله أنني عندما مات جدي لم أبك، ومات ثمانية من معارفي مؤخرا ولم أبك عند موتهم، ولكني بقيت لأيام كل يوم أبكي بسبب عجزي عن تحقيق الطهارة، وأريد أن أسال هل إذا صليت خشية خروج الوقت ولم أتحفظ وكان ينزل مني المذي أو بقايا البول، هل تكون الصلاة صحيحة أم لا بد من التحفظ؟ وهل إذا تحفظت وصليت أعيد الصلاة بعدها أم لا؟ وهل إذا قلت في نفسي وقت الصلاة مثلا إذا بلعت ريقي سأعيدها ولم أبلعه، فهل أعيدها بعد ذلك لأني علقت إعادتها على شرط معين، وبذلك تكون نية الصلاة شابها عزار؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنوصيك ـ أخانا الكريم ـ أولاً بحسن الظن بالله، وأنه لا يضيع أجر من أحسن عملاً، والدين يسر، والحرج مرفوع؛ قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}، وقال تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:6}، فالأمر هين، والظاهر أنك تعاني من نوع من الوسوسة.

والوسوسة، قد تبلغ بالعبد أكثر وأعظم من ذلك، فيجب الإعراض عنها وعدم الاسترسال معها، وليس لها دواء غير ذلك فشعورك بطعم الدم، مع عدم رؤيتك له مع إمكانها هو من أوهام الوسوسة، فاصرف عنك هذا الوسواس، ولا تلتفت إليه؛ فأحسن طريق لمداواته التلهي عنه بالكلية.

وإذا لم يتبق من وقت الصلاة زمن يتسع لفعلها بطهارة صحيحة فحكمك حكم صاحب السلس، فتتوضأ وتصلي على حسب حالك ولا تؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها، كما بينا بالفتوى رقم: 181241.

والتحفظ واجب عند جمهور العلماء، ورخص مالك ـ رحمه الله ـ في تركه إذا كان الحدث يخرج بغير اختيار ولو مرة في اليوم، كما بينا بالفتوى رقم: 155095.

ويسعك العمل بمذهبه، إن شق عليك، فما دمت موسوسا، فللموسوس أن يأخذ بأخف الأقوال حتى يعافيه الله تعالى، كما بينا في الفتوى رقم: 181305.

على أن التحفظ أمره يسير، ولا يكلف وقتا في العادة.

ولا يلزمك الإعادة، فصلاتك صحيحة، ولا حرج عليك.
ونسأل الله أن يعافيك من الوسوسة، وننصحك بملازمة الدعاء، والتضرع، وأن تلهى عن هذه الوساوس، ونوصيك بمراجعة طبيب نفسي ثقة، ويمكنك مراجعة قسم الاستشارات من موقعنا، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 3086، 51601، 147101، وتوابعها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني