الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استعمال النقود المنقوشة بصورة آدمي وحيوان والتحلي بها

السؤال

ما حكم استخدام والاحتفاظ بنقود ذهبية عليها نقش آدمي وحصان (ليرات ذهب من زمن الانتداب الإنجليزي)، والتعامل معها كنقود؟ وما حكم لبسها أو تعليقها للزينة (التعامل معها كحلي)؟
وجزاكم الله عنّا خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن التعامل بهذه النقود جائز؛ فقد نص الفقهاء على أن الصور التي كانت على الدنانير الرومية تدخل في باب الصور الممتهنة التي لا يحرم استعمالها -على الراجح-؛ قال الرملي في الفتاوى: "قال ابن العراقي: عندي أن الدراهم الرومية التي عليها الصور من القسم الذي لا يُنكر لامتهانها بالإنفاق والمعاملة، وقد كان السلف -رضي الله عنهم- يتعاملون بها من غير نكير". اهـ.

وقال الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله- كما في مجموع فتاواه: وأما استصحاب الرجل ما ابتلي به المسلمون اليوم من الدراهم التي عليها صور الملوك والرؤساء فهذا أمر قديم، وقد تكلم عليه أهل العلم، ولقد كان الناس هنا يحملون الجنيه الفرنجي وفيه صورة فرس وفارس، ويحملون الريال الفرنسي وفيه صورة رأس ورقبة وطير.

والذي نرى في هذا: أنه لا إثم على من استصحبه لدعاء الحاجة إلى حمله؛ إذ الإنسان لا بد له من حمل شيء من الدراهم في جيبه، ومنع الناس من ذلك فيه حرج وتعسير، وقد قال الله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، وقال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). وصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه؛ فسددوا، وقاربوا، وأبشروا". رواه البخاري. وقال لمعاذ بن جبل وأبي موسى عند بعثهما إلى اليمن: يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا. وقال للناس حين زجروا الأعرابي الذي بال في المسجد: "دعوه؛ فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين" رواهما البخاري أيضًا.

فإذا حمل الرجل الدراهم التي فيها صورة، أو التابعية، أو الرخصة، وهو محتاج إليهما أو يخشى الحاجة، فلا حرج في ذلك، ولا إثم -إن شاء الله تعالى- إذا كان الله تعالى يعلم أنه كاره لهذا التصوير، وإقراره، وأنه لولا الحاجة إليه ما حمله ... اهـ.

وأما عن لبسها وتعليقها: فقد ذهب كثير من العلماء إلى تحريم لبس ما فيه صورة حيوان ولو على أنثى، وتحريم تعليقه كذلك؛ قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: ويحرم على الكلّ لبس ما فيه صورة حيوان ... انتهى.

وقال في الإقناع: ... ويحرم على ذكر وأنثى لبس ما فيه صورة حيوان، وتعليقه، وستر الجدر به، وتصويره كبيرة حتى في ستر، وسقف، وحائط، وسرير، ونحوها ... انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني