الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قيام الليل فضائله عظيمة

السؤال

أنا متزوج منذ سنتين وقد رزقت طفلا عمره سنة وسميته عبد الرحمن، كنت قبل الزواج وثيق الصلة بالله بمعنى أنه كان عندي الخشوع عندما أكون وحدي وبخاصة في الليل وكنت أنظم وقتي وحياتي وصحتي بدقة، وكان لدي ميل داخلي دائم بأن أكون خاليا بمفردي لأتقرب إلى الله ولا يهمني بعد ذلك شيء لا الزوجة ولا الأصدقاء ولا الوالدان، وذلك لأنني اعتدت على أن أكون بمفردي عندما أصلي وأدعو وأبكي من خشية الله، ولكن بعد الزواج صار الخشوع متعذرا في بيتي بسبب وجود زوجتي وابني وربما لأن زوجتي تختلف عني -والله أعلم- في صلتها بالله، ولقد حاولت كثيرا أن أجلس معها لندعو الله ونقرأ القرآن في حلقة في بيتنا ولكن صار صعبا علي أن أصل إلى مستوى البكاء إلا إذا صرت بمفردي 100% في البيت، ولذا لما سافرت زوجتي منذ شهر لزيارة أهلها وصرت الآن وحيدا أحسست بالقرب من الله أكثر من ذي قبل على الأقل وبقدر المستطاع حيث صار الخشوع ميسورا، فماذا عساي أفعل لكي أحافظ على صلتي بالله مع كون ذلك متعذرا عندما يكون أهلي معي في البييت، هل تظنون أنه من المناسب أن أرسل زوجتي إلى المسجد لمدة 4-5 ساعات يوميا لكي أبقى وحيدا، لقد حاولت أن أذهب بنفسي إلى المسجد ولكن لا يخفى عليكم أن كثيرا من الناس في هذه الأيام ينظرون إليك نظرة تجعلك تحسد على إيمانك ثم إنني أحيانا لا أريد أن أظهر طاعاتي خوفا من الرياء، إنني في حاجة إلى حل لهذه المشكلة فبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن لقيام الليل فضلا عظيما وخاصة في وقت السحر وعند الهدوء والسكون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ..واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل..رواه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني وقال صلى الله عليه وسلم :عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وإن قيام الليل قربة إلى الله ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات ومطردة للداء عن الجسد رواه الترمذي في جامعه وحسنه الألباني.

وقد فرضه الله تعالى على المسلمين في بداية الأمر بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّل* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا {المزمل:1-2}، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا كاملاً حتى نزل آخر السورة الذي يتضمن التخفيف والنسخ لوجوب القيام فبقي تطوعا وقربة، فقال تعالى: فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ {المزمل:20}. رواه مسلم.

فإذا استطعت القيام في وقت السحر أو في وقت النوم وسكون الناس فذلك المطلوب، وإلا فبإمكانك أن تقوم بأهلك أو بحضرتهم حتى يتعلموا منك ويستأنسوا بعبادتك وقراءتك ويتعودوا ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. رواه مسلم.

ولا داعي لإرسال زوجتك إلى المسجد لتمكث فيه عدة ساعات بحجة أنك تريد أن تصلي النافلة فهي أصلاً قد أسقط عنها الشرع وجوب صلاة الجماعة في المسجد فكيف نلزمها بالخروج إليه في غير وقت الصلاة، وإذا كان لا بد من خروج أحد فلتكن أنت فذلك أنسب، وعليك أن ترغب زوجتك بطريقة ودية في صلاة الليل وجلسات التلاوة والأذكار.... وبمداومتك على ذلك ستستجيب إن شاء الله تعالى.

ولا يمنعك الحرص على إخفاء الطاعة من تركها أو إرسال أهلك إلى جهة أخرى، فقد كان السلف الصالح يقومون الليل في بيوتهم وبحضرة أزواجهم وأولادهم... بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وقد قال الفضيل بن عياض رحمة الله تعالى عليه: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 30366، والفتوى رقم: 13746.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني