الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

معنى هجر الزوجة؟ هل في الفراش فقط، بأن يصد عنها أثناء النوم مغاضبا، أم هو عدم معاشرتها جنسيا، أم المبيت في غرفة أخرى، وهل إذا بات عنها في غرفة أخرى بنتيجة غضب، يكون آثما؟ أرجو بيان أحكام ذلك بالتفصيل للحاجة إليه، ولكم وافر التقدير

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهجر الزوجة أحد وسائل إصلاحها عند نشوزها ودليله قوله تعالى : وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34}

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنما هن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، ألا إن لكم على نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن" رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

ومعنى الهجر الوارد في الآية والحديث هو أن لا يضاجعها ولا يجامعها بل يوليها ظهره في الفراش ، وأما النوم في غرفة أخرى أو خارج البيت ففيه خلاف والراجح جوازه.

قال في فيض القدير: في شرح حديث: حق المرأة على الزوج أن يطعمها إذا طعم ويكسوها إذا اكتسى ولا يضرب الوجه ولا يقبح.

قال :( ولا يهجر ) كذا في كثير من النسخ وفي رواية: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت. ورأيت في أصول صحيحة من كتب كثيرة ولا يهجرها (إلا في البيت) وفي رواية للبخاري: غير أن لا يهجر إلا في البيت. والحصر الواقع في خبر معاوية هذا غير معمول به بل يجوز الهجر في غير البيوت كما وقع للمصطفى صلى الله عليه وسلم من هجره أزواجه في المشربة، قال ابن حجر : والحق أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال فربما كان الهجر في البيت أشق منه في غيره وعكسه، والغالب أن الهجر في غير البيت آلم للنساء لضعف نفوسهن. واختلف المفسرون في المراد بالهجر فالجمهور على أنه ترك الدخول عليهن والإقامة عندهن على ظاهر الآية من الهجران وهو البعد وظاهره أنه لا يضاجعها، وقيل: يضاجعها ويوليها ظهره، وقيل: يترك جماعها، وقيل: يجامعها ولا يكلمها . انتهى كلامه.

ومنه يتبين للسائل معنى الهجر واختلاف أهل العلم فيه وأنه يجوز لمسوغ شرعي كنشوز المرأة.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني