الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

سمعت عن حديث لست متأكدا من صحته و لست عارفا به وهو: أن الرسول عليه الصلاة و السلام قال لعمر بن الخطاب وهو قد احتلم أن يقوم و يغسل ذكره ثم يتوضأ، فهل هذا الحديث صحيح ؟و هل أن الغسل انتهى هكذا؟ فأحيانا يحدث بأن يستمني الشخص ولا يستطيع الاغتسال لعدة أسباب منها: البرودة الزائدة بالماء, أو عدم وجود الوقت الكافي ليكون في بيته فيؤجل موضوع الغسل قد تمر أيام وهو جنب
فما هي أبسط أنواع الاغتسال من الجنابة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجوز للإنسان تأخير غسل الجنابة إلى قيامه للصلاة، ولو لغير ضرورة، لأن غسل الجنابة واجب وجوبا متراخيا وليس على الفور، وإنما يجب عند القيام إلى الصلاة، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب، فانخنس منه فذهب فاغتسل ثم جاء، فقال: "أين كنت يا أبا هريرة؟" قال: كنت جنبا، فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: "سبحان الله إن المسلم لا ينجس" قال ابن حجر: وفيه جواز تأخير الاغتسال عن أول وجوبه. انتهى.

وقد استدل البخاري بحديث أبي هريرة هذا على جواز تصرف الجنب في حوائجه فقال: باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره. ويجوز للجنب أن ينام دون أن يغتسل، لكن يستحب له أن يتوضأ قبل أن ينام، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ. وأخرج مسلم عن عبد الله بن أبي قيس أنه سأل عائشة رضي الله عنها: كيف كان يصنع - رسول الله صلى الله عليه وسلم- : أكان يغتسل قبل أن ينام؟ أو ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: كل ذلك قد كان يفعل ربما اغتسل فنام وربما توضأ فنام قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة.

وفي الصحيحين أن عمر استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ.

قال ابن عبد البر: ذهب الجمهور إلى أنه ـ أي الأمر بالوضوء للجنب الذي يريد النوم - للاستحباب، وذهب أهل الظاهر إلى إيجابه وهو شذوذ. انتهى.

والحاصل أن حديث عمر المسؤول عنه صحيح، وفيه دليل على جواز النوم قبل الغسل؛ ولكن لا يجوز أن يصلي فريضة ولا نافلة إلا بعد الغسل. والقدر المجزئ من الغسل هو تعميم البدن شعرا وبشرا بالماء مع نية رفع الجنابة

وأما إذا لم يستطع الجنب الغسل للبرد ولا يوجد عنده ما يسخن به الماء, فإنه يتيمم ويصلي. واختلف العلماء هل عليه الإعادة أو لا؟ والأحوط أن يعيد الصلاة وإن لم يعد فلا شيء عليه, كما بيناه في الفتوى رقم: 12354، وإذا لم يجد من الوقت ما يكفي لاستعمال الماء بأن خاف خروج الوقت إذا اشتغل بالغسل فالذي عليه جمهور أهل العلم هو أن يغتسل ولو أدى ذلك إلى خروج الوقت، وقال البعض إنه يتيمم, وكنا قد بينا هذا الحكم من قبل فراجع فيه فتوانا رقم: 42995.

وننبه السائل الكريم إلى أن الاستمناء لا يجوز وفيه أضرار كثيرة ولعلاجه وسائل بيناها في الفتوى رقم:7170.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني