الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مصلحة الجماعة الثانية أم مصلحة إلقاء الدرس

السؤال

ما حكم إلقاء درس في المسجد عقب صلاة العصر مباشرة في مكبر الصوت مع وجود جماعة أخرى تصلي ألا يعد ذلك تشويشا على المصلين وفيه تقديم لشيء مستحب على فرض؟ أفيدوني مع تعميم ذلك على كل من يعمل بالإمامة.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فأما الفرض فقد انقضى بصلاة الإمام، وهل تكره صلاة جماعة ثانية بعد انقضاء جماعة الإمام الراتب أم لا؟ فيها قولان للعلماء، ذهب الجمهور الحنفية والمالكية والشافعية إلى كراهة الجماعة الثانية، وأجازها الحنابلة بلا كراهة. قال الإمام النووي في المجموع شرح المهذب: فرع: في مذاهب العلماء في إقامة الجماعة في مسجد أقيمت فيه جماعة قبلها، أما إذا لم يكن له إمام راتب فلا كراهة في الجماعة الثانية والثالثة وأكثر بالإجماع، وأما إذا كان له إمام راتب وليس المسجد مطروقًا فمذهبنا كراهة الجماعة الثانية بغير إذنه، وبه قال عثمان البتي والأوزاعي ومالك والليث والثوري وأبو حنيفة، وقال أحمد وإسحاق وداود وابن المنذر: لا يكره. اهـ وعلى القول بالجواز مطلقًا فهاهنا مصلحتان تعارضتا، مصلحة صلاة الجماعة الثانية، ومصلحة إلقاء الدرس أو التنبيه على شيء من مهمات الدين، فأيهما تقدم حيث تعذر الجمع بينهما؟ لا شك أن مصلحة الدرس أعم وأنفع غالبًا، وبإمكان المتأخرين الصلاة خارج المسجد أو تأخير الصلاة لحين الفراغ من الدرس ما لم يتضايق وقت الفريضة، ولو أمكن الجمع بين الأمرين كان أفضل، كأن تتأخر الجماعة الثانية أو ينتظر المدرس أو الواعظ حتى يفرغوا، ولكن لما كان الغالب أن الناس لا يصبرون بل يخرجون سراعًا من المسجد، وأن الجماعات قد تكثر بعد الصلاة الأولى كان إلقاء الدرس أولى. هذا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحيانًا يعظ الناس بعد الفراغ مباشرة من الصلاة، وقد يوجد المسبوق الذي يقوم لإكمال صلاته ونحوه، ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينتظرهم حتى يفرغوا. روى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه فقال: أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالانصراف، فإني أراكم أمامي ومن خلفي. ثم قال: والذي نفس محمد بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا. قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: رأيت الجنة والنار. والأحاديث التي تدل على وعظه وتدريسه عقب الصلاة مباشرة كثيرة والحمد لله. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني