الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في وضوء من لمس امرأة بدون شهوة

السؤال

أريد أن أعرف مذاهب الأئمة الأربعة في مسألة مس الرجل للأجنبية بدون شهوة هل ينقض الوضوء أم لا؟ مع ذكر أدلة كل واحد منهم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلف العلماء في انتقاض وضوء من لمس امرأة بدون شهوة، فذهب الحنفية إلى أن اللمس لا ينقض مطلقا، قال ابن نجيم في البحر الرائق: مس بشرة المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، سواء كان بشهوة أو لا ، انتهى ، وذهب المالكية إلى أن اللمس ينقض بشروط لخصها الشيخ عليش في كتابه منح الجليل شرح مختصر خليل ، ومفاد ما قاله: أن لمس المتوضئ البالغ لشخص يلتذ بمثله عادة -ذكرا كان أو أنثى- لا ينقض الوضوء إلا إذا قصد التلذذ بلمسه وإن لم يجد لذة عند لمسه، وكذا ينقض إذا وجد لذة عند لمسه ولو لم يقصد التلذذ بلمسه، فإن لم يقصد ولم تحصل له لذة، فلا نقض ولو وجدها بعد اللمس، ومذهب الشافعية ذكره النووي في المجموع، ونصه ما يلي: إذا التقت بشرتا رجل وامرأة أجنبية تشتهى، انتقض وضوء اللامس منهما، سواء كان اللامس الرجل أو المرأة، وسواء كان اللمس بشهوة أم لا، تعقبه لذة أم لا، وسواء قصد ذلك أم حصل سهوا أو اتفاقا، وسواء استدام اللمس أم فارق بمجرد التقاء البشرتين، وسواء لمس بعضو من أعضاء الطهارة أم بغيره، وسواء كان الملموس أو الملموس به صحيحا أم أشل، زائدا أم أصليا، فكل ذلك ينقض الوضوء عندنا، وفي كله خلاف للسلف ، اهـ ، وخلاصته: أنه إذا لمس الذكر البالغ أنثى تشتهى بالضوابط المذكورة انتقض وضوؤه ، وأما مذهب الحنابلة، فلا ينقض عندهم وضوء اللامس إلا بشرطين وهما: أن يكون بلا حائل، وأن يكون بشهوة قال المرداوي في الإنصاف: الخامس -يعني من نواقض الوضوء- أن تمس بشرته بشرة أنثى لشهوة، هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب ، اهـ ، واختار ابن تيمية أن اللمس لا ينقض مطلقا، كما ذكر صاحب الإنصاف عنه ، ودليل من قال بأن اللمس بدون شهوة لا ينقض الوضوء ما رواه البخاري و مسلم عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي، فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا، قَالَتْ: وَالبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ

وفي مسند أحمد: فإذا أراد أن يسجد غمز يعني رجلي فضممتها إلي ثم يسجد ، وصححه الأرناؤوط ، قال ابن قدامة في المغني: ولو كان ناقضا للوضوء لم يفعله ، اهـ، وما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان...الحديث، والظاهر أن مسها كان بغير حائل، وهو يدل على أن اللمس غير ناقض للوضوء ما لم تصحبه شهوة، وأما دليل من قال بأن اللمس ينقض الوضوء مطلقا -وهم الشافعية- فهو عموم قوله تعالى: أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ [النساء: 43]، وحقيقة الملامسة ملاقاة البشرتين، ويؤيد ذلك قراءة ابن مسعود : أو لمستم، فإنها ظاهرة في مجرد اللمس من دون جماع، وهذه القراءة سبعية -يعني من القراءات السبع المتواترة- والراجح عدم النقض مطلقا ما لم يخرج شيء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني