الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والمحصنات من النساء

والمحصنات من النساء

والمحصنات من النساء

من أصناف النساء المحرمات على الرجال الزواج بهن ما جاء في قوله تعالى: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما} (النساء:24)، نقف مع سبب نزول هذه الآية.

روى الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، بعث جيشاً إلى أوطاس؛ فلقوا عدواً فقاتلوهم، فظهروا عليهم، وأصابوا لهم سبايا، فكأن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيناهن من أجل أزواجهن من المشركين؛ فأنزل الله عز وجل في ذلك: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم}؛ أي: فهن لكم حلال، إذا انقضت عدتهن.

وفي رواية للنسائي عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: (أصابوا سبياً لهن أزواج، فوطئوا بعضهن، فكأنهم أشفقوا من ذلك، فأنزل الله عز وجل: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم}.

هذا ما صح في سبب نزول هذه الآية. وقد أورد جمهور المفسرين حديث أبي سعيد الأول منهم: الطبري، والبغوي، وابن العربي، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير، والشنقيطي.

قال القرطبي بعد أن ذكر حديث أبي سعيد: "وهذا نص صحيح صريح في أن الآية نزلت بسبب تحرج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن وطء المسبيات ذوات الأزواج، فأنزل الله تعالى في جوابهم: {إلا ما ملكت أيمانكم} وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وأصحابه، والشافعي، وأحمد، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى".

وقال ابن كثير في معنى الآية: "أي: وحُرِّم عليكم من الأجنبيات المحصنات، وهن المزوجات، إلا ما ملكتموهن بالسبي؛ فإنه يحل لكم وطؤهن، إذا استبرأتموهن، فإن الآية نزلت في ذلك"، ثم ساق الحديث.

وقال الشنقيطي: "المراد بـ (المحصنات) المتزوجات؛ وعليه فمعنى الآية: وحرمت عليكم المتزوجات؛ لأن ذات الزوج لا تحل لغيره، إلا ما ملكت أيمانكم بالسبي من الكفار، فإن السبي يرفع حكم الزوجية الأولى في الكفر، وهذا القول هو الصحيح، وهو الذي يدل القرآن لصحته، إلى أن قال: ويؤيده سبب النزول"، ثم ساق الحديث.

وقد ونقل ابن عاشور اتفاق المسلمين على أن سبي المرأة دون زوجها يهدم النكاح، ويحلها لمن وقعت في قسمته عند قسمة المغانم.

والمتحصل: أن سبب نزول الآية الكريمة هو ما جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه حين ظهر المسلمون على عدوهم، فتحرجوا من غشيان نسائهم من أجل أزواجهم؛ لأن الحديث في ذلك صريح صحيح، يتفق مع لفظ الآية، وإجماع المفسرين عليه.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة