الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإعلام وطمس الحفائق على الطريقة الصهيونية

الإعلام وطمس الحفائق على الطريقة الصهيونية

الإعلام وطمس الحفائق على الطريقة الصهيونية

عملت الدعاية الصهيونية على خطين متوازيين موجهة إعلامها إلى الداخل والخارج، فواصلت التعبئة من جهة لمحاولة "توحيد البنيان اليهودي" على أرض فلسطين وتوطيد دعائمه في إطار الكيان الصهيوني وأطلقت حملة لمحاربة "الاندماج" اليهودي في الخارج والعمل على استمرار الهجرة اليهودية إلى فلسطين والمحافظة على ارتباط اليهود بمؤسساتهم في العالم بشبكة اتصال متينة مع "إسرائيل".

ونجح الإعلام الصهيوني في أوساط الغرب، وإلى حد كبير في تشويه الحقائق التاريخية والوقائع السياسية، بل إنه استطاع إخفاء مشاهد المذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية منذ.. كفر قاسم ودير ياسين وقبية ونحالين وغيرها مستفيداً في ذلك من ضعف الإعلام العربي وهشاشته. وأصبح الغرب يرى ما يحدث على أرض فلسطين من خلال المنظور الصهيوني، فترسخت اعتقادات في الرأي العام الغربي مفادها أن "إسرائيل" بلد صغير يحاول العرب "المتوحشون" التهامه، وانتشرت في وسائل الإعلام الغربية المختلفة صورة البداوة المتخلفة للعربي الواقف بين الجمل والخيمة الذي لا يرى أفقاً أمامه أبعد من كثبان الصحراء. كما أن مساحة التدفق الإعلامي الصهيوني المتعدد الأشكال اتسعت في معظم أنحاء العالم، وفي فترة قياسية وأصبح عدد كبير من دور النشر والتوزيع ومحطات الإذاعة والتلفزيون والمسارح وشركات الإنتاج السينمائي، وأعداد أكبر من الوسائل الإعلامية الغربية خاضعة للنفوذ الصهيوني عن طريق عمل المحررين والمؤلفين والكتاب فيها أو بالاتفاق المالي المباشر..

وكان التخطيط لهذه الوسائل يجري في الكيان الصهيوني على يد علماء بالسياسة وعلم النفس السياسي. ويعتمد هذا الإعلام حتى الآن على مختلف المداخل مهما بدت متواضعة وبسيطة بهدف الترويج للموقف الصهيوني، وتوسيع نطاقه لخدمة الأغراض السياسية الصهيونية وطمس الصوت الآخر.

الإرهاب الإعلامي اليهودي
وتكشفت قضية خطيرة تتمثل في الإرهاب الإعلامي الإسرائيلي مما دفع الكتاب السياسيين الأمريكيين إلى التصريح علنا بأن ذلك كان السبب الرئيسي لما حدث في 11 سبتمبر كنتيجة حتمية للدعم الأعمى، ونجد كاتباً مثل ديفيد ديوك يقول: "اسمحوا لي أن أقول لكم وبكل صراحة: إن السبب الرئيسي الكامن وراء تنفيذ هذه العمليات الإرهابية ضدنا هو دعمنا المباشر للممارسات الإجرامية الإسرائيلية". ويشير الدارسون والسياسيون إلى أن "دولة الصهاينة" كانت سبباً لإثارة عدة حروب ضد الولايات المتحدة الأمريكية.. ويعود تاريخ الإرهاب الإسرائيلي ضد أمريكا إلى عام 1967حين هاجمت الطائرات الإسرائيلية عمدا السفينة الحربية الأمريكية ليبرتي وهي راسية قرب الساحل الشمالي لشبه جزيرة سيناء وقد أدى الهجوم إلى مقتل 31 بحاراً أمريكياً وإصابة 170 آخرين بجروح.. كان الإسرائيليون بصدد إغراق السفينة الحربية الأمريكية وقتل طاقمها، ثم تحميل المصريين مسئولية ذلك الحادث، من أجل كسب دعم أمريكي أكبر.. وقد أعلن قائد القوة البحرية الأمريكية الأدميرال (مورر) أن الهجوم الإسرائيلي على السفينة الحربية ليبرتي كان عن عمد، إلا أن اللوبي الصهيوني المتنفذ في أمريكا حال دون أن يتخذ الكونجرس الأمريكي قراراً رسمياً يدعو إلى التحقيق في الحادث.. وعمدت السلطات بعد عدة أيام من وقوع الحادث إلى حذف الأخبار المتعلقة بالحادث من وسائلها الإعلامية كافة.

دور اللوبي اليهودي
مما يذكر أن لدى اللوبي اليهودي في أمريكا نحو 70 من كتاب الأعمدة المشهورين على المستوى القومي، وهو يسيطر على عشرات من أجهزة الإعلام التي تخاطب المستويات السياسية والشعبية.. واستطاع اللوبي اليهودي أن يجعل معركة "الصهاينة" هي معركة الولايات المتحدة التي تقوم بذلك نيابة عنها مع أعدائها وهو ما يعد بمثابة خلق أعداء للولايات المتحدة هم أصلاً أعداء للصهيونية. وبالمقابل برزت سلبية المواجهة العربية.. مع التأثير الصهيوني في القرار السياسي الأمريكي عبر إعلام مستلب كلياً ومملوك للآلة الصهيونية، كان الإعلام العربي سلبياً وأدواته معدومة وهو بالتالي أسير للآلة الإعلامية الغربية ووسائلها، إضافة لانعدام الفعل السياسي المستقل عن الأرضية الأمريكية وبالتالي عن الهيمنة الصهيونية. وقد أشار خبراء عرب كثر إلى أن الإعلام العربي:

- لا يملك رؤية سياسية أو برنامجاً أو خطة عامة لمواجهة التغلغل الصهيوني، حيث تصبح مقاومة التطبيع مجرد جزء من هذه الخطة.

- سيطر عليه الخطاب الإعلامي والثقافي والترفيهي من جهة، والتغلغل الصهيوني من جهة أخرى، ابتداء من خلق حالة من اللاانتماء إلى التحييد والتجهيل والإلهاء وصولاً إلى كسر الحواجز النفسية مع العدو الصهيوني.

- شيوع المصطلحات التضليلية على نمط "الشرق الأوسط" بدلاً من "الأمة العربية"، أو "عرب إسرائيل"، أو "شعوب المنطقة"، ومثل طرح قضايا جانبية كحوار الأديان أو تشويه الرموز الوطنية الذي يعد جزءاً من الاختراق الإعلامي.


- نصل في النهاية إلى أن الإعلام الصهيوني يلعب دوراً موازياً للدور العسكري الذي يضطلع به الكيان إن لم يكن أكثر فاعلية، وأشد خطورة، ويجرى تسويق حجج رئيسة خاصة على الصعيد العربي، لمبررات قيام الكيان الصهيوني.. وفي مقابل تلك الاستراتيجية الإعلامية الصهيونية نجد أننا كعرب لا نملك ولو جزءاً يسيراً من استراتيجية مقابلة قادرة على مواجهة التغلغل الصهيوني في كل مفاصلنا بدءاً من السياسة مروراً بالاقتصاد، فالحياة الاجتماعية ثم التاريخ إلى آخر قائمة لا تنتهي، وهكذا ترانا نتشبث بتصريح أو حديث مقتضب لسياسي أو اعتراف أدبي أو خطابي بحقوقنا دون النظر أو التوقع بالحصول على أكثر من ذلك، إنه عالم فقد ميزاته كحضارة كان يمكن بها أن يغزو كل العقول لكنه وجد نفسه أسيراً لآلة غسل الدماغ الصهيونية والممثلة في الإعلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة أخبار الخليج البحرينية 21/9/2004

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة