الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا قاله أبو سعيد

                                                                                                                                                                                                        3456 حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر ولكن أخي وصاحبي [ ص: 22 ] [ ص: 23 ] [ ص: 24 ] [ ص: 25 ] [ ص: 26 ] [ ص: 27 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 22 ] [ ص: 23 ] [ ص: 24 ] [ ص: 25 ] [ ص: 26 ] [ ص: 27 ] قوله : ( باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : لو كنت متخذا خليلا ، قاله أبو سعيد ) يشير إلى حديثه السابق قبل باب ثم ذكر المصنف في الباب أحاديث :

                                                                                                                                                                                                        الحديث الأول : حديث أبي سعيد المذكور .

                                                                                                                                                                                                        الحديث الثاني حديث ابن عباس أخرجه من طرق ثلاثة :

                                                                                                                                                                                                        الأولى : قوله : ( لو كنت متخذا خليلا ) زاد في حديث أبي سعيد " غير ربي " وفي حديث ابن مسعود عند مسلم وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا . وقد تواردت هذه الأحاديث على نفي الخلة من النبي - صلى الله عليه وسلم - لأحد من الناس ، وأما ما روي عن أبي بن كعب قال : إن أحدث عهدي بنبيكم قبل موته بخمس ، دخلت عليه وهو يقول : إنه لم يكن نبي إلا وقد اتخذ من أمته خليلا ، وإن خليلي أبو بكر . ألا وإن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا أخرجه أبو الحسن الحربي في فوائده ، وهذا يعارضه ما في رواية جندب عند مسلم كما قدمته أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول قبل أن يموت بخمس إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل فإن ثبت حديث أبي أمكن أن يجمع بينهما بأنه لما برئ من ذلك تواضعا لربه وإعظاما له أذن الله تعالى له فيه من ذلك اليوم لما رأى من تشوفه إليه وإكراما لأبي بكر بذلك ، فلا يتنافى الخبران ، أشار إلى ذلك المحب الطبري . وقد روي من حديث أبي أمامة نحو حديث أبي بن كعب دون التقييد بالخمس ، أخرجه الواحدي في تفسيره ، والخبران واهيان ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ولكن أخي وصاحبي ) في رواية خيثمة في " فضائل الصحابة " عن أحمد بن الأسود عن مسلم بن إبراهيم وهو شيخ البخاري فيه ولكنه أخي وصاحبي في الله تعالى وفي الرواية التي بعدها ولكن أخوة الإسلام أفضل وقد تقدم توجيهها قبل باب . وقوله في الرواية الثانية " حدثنا معلى بن أسد وموسى بن إسماعيل التبوذكي " كذا للأكثر وهو الصواب ، ووقع في رواية أبي ذر وحده " التنوخي " وهو تصحيف ، وقد تقدم تفسير الخليل في ترجمة إبراهيم عليه السلام من أحاديث الأنبياء ، واختلف في المودة والخلة والمحبة والصداقة هل هي مترادفة أو مختلفة ، قال أهل اللغة : الخلة أرفع رتبة ، وهو الذي يشعر به حديث الباب ، وكذا قوله عليه السلام لو كنت متخذا خليلا غير ربي فإنه يشعر بأنه لم يكن له خليل من بني آدم ، وقد ثبتت محبته لجماعة من أصحابه كأبي بكر وفاطمة وعائشة والحسنين وغيرهم ، ولا يعكر على هذا اتصاف إبراهيم عليه السلام بالخلة ومحمد - صلى الله عليه وسلم - بالمحبة فتكون المحبة أرفع رتبة من الخلة ، لأنه يجاب عن ذلك بأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - قد ثبت له الأمران معا فيكون رجحانه من الجهتين ، والله أعلم . وقال الزمخشري : الخليل هو الذي يوافقك في خلالك ويسايرك في طريقك ، أو الذي يسد خللك وتسد خلله ، أو يداخلك خلال منزلك انتهى . وكأنه جوز أن يكون اشتقاقه مما ذكر . وقيل : أصل الخلة انقطاع الخليل إلى خليله ، وقيل : الخليل من يتخلله سرك ، وقيل : من لا يسع قلبه غيرك ، وقيل : أصل الخلة الاستصفاء ، وقيل : المختص بالمودة ، وقيل : اشتقاق الخليل من الخلة بفتح [ ص: 28 ] الخاء وهي الحاجة ، فعلى هذا فهو المحتاج إلى من يخاله ، وهذا كله بالنسبة إلى الإنسان ، أما خلة الله للعبد فبمعنى نصره له ومعاونته .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية